الجائزة الكبرى

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد تبدو الأرقام للوهلة الأولى وهمية، أو مجرد خطأ مطبعي، فهل يعقل أن تمنح شركة واحدة 16000 من موظفيها إجازة في وقت واحد، وتقرر مكافأتهم برحلة سياحية جماعية مدفوعة التكاليف؟ ثم إلى أين؟ إلى بلد عربي، بينما تشهد المنطقة كلها حالة غير مسبوقة من الاضطرابات والصراعات؟!

لكن لا خطأ ولا توهم في الرقم أعلاه (ستة عشر ألفاً)، ولا في الأرقام التالية، فقد قررت شركة صينية عملاقة، مكافأة موظفيها على ما حققته من أرباح سنوية، تجاوزت ثلاثة مليارات دولار، وزيادة مبيعاتها بنسبة 300%، والجائزة الكبرى هي رحلة سياحية على حساب الشركة، لكل هذا العدد من موظفيها، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، عبر 77 رحلة طيران، تصل أولاها اليوم (6/4/2014)، وحجزت لهم نحو أربعين ألف غرفة فندقية (39514)، وأكثر من 400 دليل سياحي.

نحن، إذاً، لا نتكلم عن الماضي البعيد، أيام هارون الرشيد، الذي كان لا يبالي أين تمطر المزن، فسيأتيه خراجها أينما نزلت، ولا أيام ابنه المأمون، الذي أنشأ دار الحكمة في بغداد، فكانت منطلق نهضة فكرية وعلمية، لم يسبقها مثلها في التاريخ البشري، ولا عن خليفته المعتصم الذي قاد بنفسه حملة عسكرية، لأن امرأة مسلمة تعرضت للإهانة في بلاد الروم، فاستنجدت به «وا معتصماه».

إننا أمام واقع مشهود، فيه الكثير من الماضي المجيد، وللمستقبل فيه نصيب أكبر. واقع دولة عربية، توحدت إماراتها فقويت، واختارت النهج السليم فتطورت، وعرفت كيف تحدد رؤيتها الصائبة للمستقبل فحققت إنجازات ترقى إلى مستوى الإعجاز البشري، في عصر تخاذل فيه أكثر العرب وغشيَهم العجز والتخلف.

ليس التخلف قدَراً عربياً، ولا التقدم حكراً على غير العرب، فحين تتوفر الإرادة الصادقة، والرؤية السليمة، والقيادة الواعية لدورها الواثقة بنفسها، يصبح المستحيل وهماً لا مكان له في مسيرة التقدم.

Email