السلم المجتمعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعيش الأمة الإسلامية، ومنطقتنا العربية قلبها وجوهرها، حالة مأساة حقيقية من أقصاها إلى أقصاها.. حروب أهلية، واضطرابات أمنية، ومعارك سياسية، ونزاعات طائفية وعرقية لا حصر لها، تهدد مستقبل الأمة كلها، فضلاً عن حاضرها المأزوم والمهزوم.

وأسباب هذه الصراعات العبثية، تكاد تنحصر في سبب أساسي يجمعها، وهو الجهل.. جهل حقائق التاريخ وضرورات الواقع، ولكن قبل ذلك كله، الجهل بصحيح الإسلام وجوهره ومقاصده، ثم سوء الفهم لدى بعض من يعرفون شيئاً من ذلك، وإساءته عمداً عند بعضهم أحياناً.

لذلك كان طبيعياً وضرورياً، التئام جمع "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، الذي استضافته دولة الإمارات في العاصمة أبو ظبي الأسبوع المنصرم، وافتتحه سمو الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية.

وقد حدد العلامة عبد الله بن بَيَّه رئيس المنتدى، هدفه بأنه "دحض الإيديولوجيات المتطرفة بشكل كامل، مع تقديم الفهم الحقيقي للإسلام دين الحكمة والرحمة والتسامح والصبر"، معتبراً أن "الأسلوب الوحيد لمواجهة القوى التي تمزق العالم الإسلامي، يتمثل في معرفة جذور التضليل وسوء الفهم والبدَع التي تغذي الإيديولوجيات المتطرفة والأحقاد الطائفية والعنف القاتل والمدمر".

انطلاق المنتدى من عاصمة الإمارات ورعايته على هذا المستوى الرفيع، يأتي انسجاماً مع نهجها الوسطي المعتدل، دينياً وساسياً، ونموذجها الراسخ في تحقيق السلم المجتمعي الداخلي، رغم تعدد الأعراق وتنوع الجنسيات والثقافات المقيمة على أرضها، وتأكيداً لمكانتها الإقليمية والدولية، التي اكتسبتها عبر عقود من الحنكة والحكمة والسعي للم الشمل وتوحيد الصفوف العربية والإسلامية.

وحين تجتمع المعرفة الدينية والفهم الصحيح للإسلام مع الحنكة السياسية والحكمة المتوارثة، فلا شك أن الأمل، رغم كثرة المصاعب والتحديات، سيكبر ويتعزز بأن تعود الأمة إلى رشدها، وتستعيد عافيتها وسلمها المجتمعي، لتصبح جزءاً فاعلاً وبناء في عالمها المعاصر، بدلاً من أن تظل عالة عليه، وميداناً لصراعاته وحروبه.

Email