الأساس المنيع

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يستقيم أي بناء قابل للصمود وقادر على مواجهة الظروف والتحديات، إلا إذا بُني على أسس صلبة سليمة. ينطبق ذلك على المباني العادية، كما ينطبق على بناء الدول ونهوض الشعوب.

ولن نذهب بعيدا في تاريخ الدول ومسارات الأمم، فالواقع ماثل بتجلياته وبحيويته المتجددة كل يوم.. فهذه دبي مثال حي على سلامة التأسيس وصلابة البناء.

لقد وضع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، أسس بناء دبي الحداثة والتميز، منذ اللحظة الأولى لتوليه الحكم عام 1958، حين كان عدد سكانها نحو ثلاثين ألفا، ولم يكن النفط قد ظهر كمورد اقتصادي مؤثر.. ولا المنطقة كلها قد دخلت عصر التحديث والتطور.

لكن راشد، بحسه القيادي ورؤيته المستنيرة، كان يرى أن دبي قادرة وتستحق نقلة نوعية تواكب العصر وتلبي احتياجات المستقبل، وليس الحاضر حينها فقط. وهكذا بدأ إقامة مشاريع بعيدة المدى، مثل مطار دبي الذي افتتح عام 1960، وجسر آل مكتوم عام 1963، وكان من أوائل الجسور في المنطقة بكاملها، وميناء جبل علي الذي أصبح عام 1981 أكبر ميناء في الشرق الأوسط.

وكان الشيخ راشد صانعا للاتحاد، إلى جانب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمهما الله. والشيخ راشد هو الذي ألقى، في 2 ديسمبر 1971، بيان "قيام الإمارات العربية المتحدة، دولة مستقلة ذات سيادة تستهدف توفير الحياة الفضلى لشعبها والاستقرار الآمن لها، وتحمي حقوق وحريات مواطنيها".

وعلى هذه الأسس المنيعة، قامت دبي وتوسعت لتصبح نموذجا، ليس لمنطقتها فحسب، وإنما نموذجا عالميا للحداثة والتطور، والإنجازات القياسية في كل المجالات.

وإذا كان الشيخ راشد رحل بجسده قبل 23 عاماً (7 أكتوبر 1990)، فالعظماء مخلّدون بمآثرهم وأعمالهم، وبمن يسير على نهجهم ويكمل المسيرة من بعدهم.

Email