نحن سبقناهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

مواقع التواصل الإلكتروني (أو الاجتماعي كما يحلو للبعض)، أصبحت همّ معظم الناس وشغلهم الشاغل، خاصة جيل الشباب (ألا ليت الشباب يعود..)، لكن تويتر يتميز بالاختصار والإيجاز، ما يفرض على "المغرد" عصرَ أفكاره وتركيز جُمله ليصل إلى المتلقي بأقصر الطرق وأسرعها، في حيز لا يتجاوز بضع كلمات (140 حرفا)، أي "بما قل ودل"! فمن هو مكتشف هذا السهل الممتنع؟

المعروف أن تويتر ظهر لأول مرة، وعلى نطاق ضيق، أوائل 2006، ولم "يتكلم" العربية إلا في 2012، ولم يعرّب اسمه أو يترجم حتى الآن.

لكن العرب عرفوا هذا الأسلوب وعبروا عنه بطرق مختلفة، أشهرها القول المأثور "خيرُ الكلام ما قَلَّ ودَلَّ". إذن، نحن سبقنا الأميركان وشركتهم التي طورت هذا التطبيق و"عولمته". لكنهم، كعادتهم، استمروا في البحث والتطوير، بينما نحن، كعادتنا أيضا، توقف بنا الزمن، أو أوقفناه، عند فترة معينة، وانغمسنا في اجترار الماضي ومحاولات إعادة عقارب الزمن إلى الوراء، فلم نتعلم من دروس التاريخ ولم نتطور مع تطور المعارف البشرية، حتى تلك التي كنا سباقين في وضع أسسها واكتشاف مبادئها!

بالطبع، لا يخلو استخدام "تويتر" من سلبيات، ككل وسيلة أخرى، فالسلاح (أي سلاح بما فيه سلاح الكلمة) قد يستخدم لرفع الظلم ورد العدوان، وقد يكون أداة للقهر والطغيان، فالمستخدم هو من يحدد وجهة وهدف الأداة التي يمتلكها.

ولعل الدرس الأهم الذي يلقنه لنا "تويتر"، هو أن العبرة ليست بعدد الكلمات ومساحة الكلام، وإنما بقيمته ومحتواه.. فـ"خير الكلام ما قل ودل". مع التحية للكاتب والإعلامي اللامع ياسر حارب وبرنامجه التلفزيوني "ما قل ودل"، الذي اختار له، بـ"ضربة معلم"، هذا الاسم المفعم بالدلالات.

Email