العلم ولو طال الصبر

ت + ت - الحجم الطبيعي

التحديات رفيق الإنسان طيلة حياته، معظمها معروف يتعامل معها بالتخطيط والمتابعة ووضع البرامج والمشاريع، ويتحسب لتطوراتها واحتمالاتها كافة، دون إهمال أي احتمال، مهما بدا بعيد الوقوع.

والتحدي الرئيس الذي يعرفه ويواجهه عالمنا العربي اليوم، هو تحدي التنمية في عصر المعرفة، فمن دون تطوير التعليم بكل مراحله، والذي هو مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع، فلن يكون سهلاً علينا تحقيق التنمية، خاصة أن الشكوى من تدني مستوى التعليم العام والجامعي ممتدة بامتداد الأرض العربية، فمراكز جامعاتنا العربية، الحديثة منها أو العريقة، على حد سواء، تأتي متأخرة في قوائم التصنيف العالمي لأفضل الجامعات، فهي لا تسر حريصاً، ولا ترضي مهتماً أو مسؤولاً في هذه الهيئات الأكاديمية.

التقييم المُحدّث لأفضل الجامعات دولياً، يشير إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا، ما زالتا في ريادة التعليم العالي، رغم تواتر أسماء بعض جامعات الدول الصاعدة، وتزايد قدراتها التعليمية.

ورغم الأفضلية التعليمية التي صارت عليها جامعاتنا الخليجية، وتصدرها في التصنيف لجامعات الوطن العربي، إذ حصدت جامعة الملك سعود المرتبة 197، وجامعة الملك فهد المرتبة 208، وجاءت جامعة الإمارات في المرتبة 338، بحسب تصنيف «كيو إس» البريطاني للجامعات العالمية، والذي يعتمد على عدد من المعايير، منها سمعة الجامعة بين الأكاديميين، وبين أرباب العمل، ونسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلاب، فضلاً عن جاذبيتها على المستوى الدولي، إلا أننا، رغم ذلك، نجد أنفسنا متأخرين عن ركب التميز العلمي.

أعلم أن أمتنا العربية تمتلك إمكانات وموارد مادية وبشرية هائلة، تستطيع من خلالها تجاوز أزماتها إذا ما تناغمت إمكاناتها وطاقاتها، خاصة أن لديها الكثير من أسباب التكامل والتوحد، أكثر مما لديها من عوامل الفرقة والتشتت، وتستطيع أن تفرض نفسها على الساحة الدولية، وأن تواجه جميع التحديات من حولها، في ضوء التكتلات الاقتصادية وعصر العولمة، إذا ما وحدت طاقاتها ومواقفها.

علينا أن نعي أن الحضارة الحديثة قائمة على العلم، والتقدم الاقتصادي مرتبط بأن يتحول هذا العلم إلى تكنولوجيا ومعرفة، وطاقات تخلق فرص عمل، وتزيد من عمليات الإنتاج، وتلبي حاجات المجتمعات، لذلك لا طريق لنا إلا بالعلم، ولو طال الصبر.

Email