الإبداع نمط حياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ذات يوم، سألني صحافي من بلد أجنبي، فيما كنا نتجول في مقر صحيفة "البيان"، وكان ضمن وفد إعلامي زائر، أراد التعرف على تجربتنا.. سألني: "ما الذي تسعى إليه مؤسستكم، تحديداً، بالنسبة إلى المتلقي؟".

ابتسمت وقلت: "نريدهم أن يتحوّلوا جميعاً إلى.. أطفال!".

استغرب سائلي من إجابتي، وقد تقصّدتها، مدركاً، مسبقاً، أن علامات الدهشة سترتسم على وجهه، إلى أن أفسّر، فيرتاح..

لكنني، لن أفسّر الآن، ما كنت أرمي إليه، بل في ختام كلمتي..

وأبدأ بالتأكيد على أن ثقافة الجودة، بالنسبة إلى العرب، ليست محاكاة، أو أمراً طارئاً أو مستجداً، بل هي ضاربة في هذه الثقافة منذ القدم، وقد نستغرب أن قواميسنا العتيقة جعلت لفظ "الجود" مرادفاً لأعز ما قد تدلف له الطبيعة.. وهو المطر!

كما أن تعاليم الإسلام وسنة النبي الكريم، وحتى أشعار القدماء وكتبهم، كلها تحرّض على الجودة والابتكار، وتتغنى بالـ"متجاوبين" والـ"متجاودين"..

وفي دولتنا، تتخذ الجودة، بفضل القيادات الرشيدة، معنى أكثر خصوصية وتميّزاً: إنها ليست شعارات رنانة تخفي كلاماً لا طائل منه، وليست مسعى ظرفياً تنتهي بتحققه، وليست رفاهية مضافة يراد منها التسويق أو الظهور.. الجودة، بالنسبة إلينا، أسلوب حياة، مواز للاستثمار في العقل، الذي هو، من دون شك، أهم استثمار..

من يتمعن في المنهج الذي يؤسسه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، للأجيال الحاضرة والمقبلة، يدرك معاني الجودة التي نتحدث عنها، فهو يشير ويؤكد دائماً على أن الأزمات التي يتحدث عنها البعض، ما هي إلا محطات اختبار علينا اجتيازها، فمن رحم الأزمات يولد الإبداع..

ولكي نحافظ على الإبداع، علينا دوماً ألا نتخلى عن الخيال والرغبة في الاكتشاف، وهي الصفات التي ترتسمنا جميعاً حين كنا أطفالاً، وقبل أن نكبر، ويحيد بعضنا عن دروب الإبداع.

لذلك، عبر التحريض الإيجابي والتنوير، علينا أن نسعى لإعادة إحياء الطفل المبدع الذي في داخل كل منا، فما أجمل أن نكون بخيال طفل وحكمة شيخ وعنفوان شاب، نتعاون جميعنا من أجل بناء وطن مزدهر.. وطن لا ينطفئ تميّزه، فالتميّز إذن ليس غاية، بل هو نمط حياة نعيشها ونحياها!

Email