لسنا الوحيدين الذين نعاني من جور المسلك البشري المخرب والمضر تجاه البيئة، فلقد سبقتنا دول إلى إعلان درجة الخطر، فهناك الإضرار بالبيئة جراء تجريف الأراضي الزراعية بغرض الاستثمار التجاري والصناعي والتوسع العمراني، وتبويرها عن تقصد وعمد، وهناك المخلفات الصناعية والكيميائية والطبية والنووية وغيرها، التي تُرمى بلا مسؤولية، ولا تقل عنها خطورة حتى المخلفات المنزلية.

ولعل أبرز الجرائم وأبشعها ضد البيئة، تلك المتمثلة بحرائق الغابات، التي تأتي على ملايين الأشجار المعمرة سنوياً في أوروبا وأميركا، ما يشل رئة الطبيعة، ويعدم الأحياء اختناقاً، ويُردي اقتصاد العالم.

لكن إشعال تلك الحرائق في الغالب لا يكون بفعل بشري، وإنما بسبب بيئي! ففي إسبانيا، على سبيل المثال، لا يتهاون أي موظف في البلدية عن اتخاذ إجراء سريع لو نما إلى علمه وجود كومة فضلات أو مخلفات؛ خاصة لو حوت زجاجات فارغة للمشروبات والمرطبات، وإن لم يفعل فإن كارثة بيئية سوف تقع لا محالة.

 وكما في اكتشاف الأولاد المبكر لكيفية إشعال النار البدائي باستعمال المرآة وعود الثقاب، تفعل البيئة، حيث يقع شعاع الشمس على الزجاجة متجمعاً بتركيز، لينعكس على الأشياء مشعلاً النار في المكان، وتحل الكارثة.

يحدث هذا في الغرب، وفي بلد مثل إسبانيا، حيث تقع ضمن دول أوروبا التي لا تتمتع بسطوع شمس في الغالب، كما تتمتع به بلدان الشرق الأوسط، وخاصة منطقة الخليج، التي أنعم الله عليها بفصول ومواسم مشمسة، وهي بالتالي أكثر عرضة لمثل هذه الحرائق، طالما استمر الناس يتجاهلون واجباتهم الحضارية في السلامة والأمان، ويتركون المخلفات في البراري والساحات؛ عرضة لشهية الشمس الساطعة لتشعل الحرائق. أفلا نتعظ، فنحرص على بيئتنا وموارد الطبيعة فيها؟!