حادث قتل على الطريق

ت + ت - الحجم الطبيعي

«كانت لمحة خاطفة والرجل ينحني بالسكين ليكمل ذبح الفتاة الملقاة في الشارع، صادفت الفيديو أثناء التصفح، لم أكمله بالطبع لكن الخيال تكفل بالباقي. ولم أنم».

هذه التدوينة للصديقة القاصة الإماراتية مريم الساعدي، تعليقاً على الحادثة البشعة التي جرت أحداثها منذ يومين في مصر، وراحت ضحيتها فتاة شابة لم تكمل تعليمها الجامعي بعد، أما الرجل الذي انحنى بكل جنون وعمى بصيرة عليها ليكمل طقوس الذبح بعد أن طعنها حتى الموت، فهو شاب جامعي يدرس معها في الجامعة نفسها، ومثل تدوينة مريم ضجت مواقع التواصل الإلكتروني بآلاف التعليقات والتدوينات تعليقاً على الحادثة البشعة، لكن ويا للعجب العجاب: فحتى البشاعة والجريمة والقبح أصبحت وجهة نظر، ولها أنصار ومؤيدون، وصارت محل جدل وخلاف على مواقع التواصل!!

أما كيف أصبحت الجريمة وجهة نظر؟ وكيف صار القبح متاحاً هكذا ومشاعاً للجماهير يتفرجون عليه ويختلفون ويبدون رأيهم ويمضون، كل في طريقه ولشأنه، وكأن فتاة في عمر الورد لم تذبح في وضح النهار، على يد شاب يدعي أنه يحبها، وأنه لم يحتمل رفضها له، فذبحها، فإن جواباً جاهزاً ومنطقياً لا يمكن تقديمه أبداً، فالجنون والكذب والبشاعة والعجب والاستهبال أصبح وكأنه القاعدة، والناس تمارسه ببلادة تامة وكأن شيئاً لم يكن، على طريقة الأمريكان (دعه يعمل، دعه يمر) وكل شيء سيكون على ما يرام!

حين التقيت مريم مساءً، كان كل هذا مثار حديث بيننا، ورأيتنا كيف بدونا في غاية الاستغراب والألم نتيجة كل ما يمر بنا من هذه الشاكلة من المدعين والكذبة، بدونا وكأننا أطفال ما زال هناك ما يدهشنا في حين توقف العالم عن الدهشة، هل اعتياد القبح دليل على النضج كما كتبت؟ ما بالنا لم ننضج إذن؟ لماذا ما زلنا نتساءل عن كل هذا اللامعقول الذي يتوالى أمام أنظارنا؟ وبالفعل تمنيت من كل قلبي أن لا أنضج أبداً!

Email