تايوان وأهمية نزع فتيل الصراعات

ت + ت - الحجم الطبيعي

تَـعِـد العلاقة بين الولايات المتحدة والصين بأن تكون شديدة الأثر في تحديد معالم الحقبة التي نعيشها.

وربما يتلخص العامل الأكبر في تحديد هذه العلاقة في قدرة البلدين على الاستمرار في تجنب الصراع حول تايوان أو فشلهما في ذلك. لكن في ظل المؤشرات التي تؤكد تنامي احتمالات الصراع، يصبح السؤال الذي يواجه الولايات المتحدة وشركاءها هو كيف يمكن تجنب هذه النتيجة دون التضحية بمصالح أساسية.

يُـعَـد التأطير النظري أمراً بالغ الأهمية في السياسة الخارجية. وما نحن بصدده الآن ليس استثناء. فهناك مشكلات وهناك حلول. المشكلات قابلة للحل من حيث المبدأ. وفي أفضل الأحوال يمكن التعامل ببراعة مع المواقف. تمثل تايوان أحد هذه المواقف.

ومحاولات التعامل معها على أنها مشكلة قابلة للحل لن يكون مصيرها الفشل فحسب، بل ومن المرجح أن تـفضي إلى صراع من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة والصين، ودول أخرى في المنطقة والعالم، في حال أسوأ كثيراً. والسبب أن أي نتيجة محتملة لن تكون مقبولة لدى الجميع بغير استثناء.

النبأ السار هنا هو أن الإطار الدبلوماسي الذي وضعته الولايات المتحدة والصين قبل أربعين عاماً، والذي اتفق بموجبه الجانبان بشكل أساسي على الاختلاف في الرأي بشأن تايوان، سمح لهما بتجنب الصراع وبناء علاقة مثمرة ساعدت في إنهاء الحرب الباردة سلمياً وبشروط غربية.

واصلت الولايات المتحدة والصين تطوير علاقة اقتصادية عميقة. ومن جانبها، أصبحت تايوان واحدة من نمور آسيا.

من المؤكد أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين تدهورت بشكل حاد في السنوات الأخيرة، ولكن ليس بسبب تايوان. وهنا أود أن أشير إلى مسألتي التواجد في بحر الصين الجنوبي، والسياسات التجارية.

على الجانب الآخر من الجدال، هناك أولئك الذين يعتقدون أن تايوان دولة يجب أن تتصرف بكل حذر بالسياسة الخارجية الناجحة ومنع نشوب حرب والحفاظ على علاقة كاملة ناجحة مع الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم ــ وهي قوة عالمية في موقف يسمح لها بتشكيل النتائج بشأن قضايا تتراوح من تغير المناخ إلى الصحة العالمية إلى منع انتشار الأسلحة النووية ــ لا يجوز للولايات المتحدة أن تتصرف وكأنها مـطلـقـة اليد في التعامل مع تايوان.

المطلوب الآن هو تغيير السياسات بما يتناسب مع التعامل مع الصين الأكثر اقتداراً وحزماً. وهذا يتضمن تغيير السياسات بما يناسب التعامل مع الصين الدولة القوية والمهمة والمؤثرة. ويجب الحرص على العلاقة السليمة بين كافة الأطراف.

من الأهمية بمكان نقل بعض من كل هذا إلى الصين؛ ويجب أن يكون الهدف الحد من احتمالات الصراع. مع الحرص على التأكيد لقادة الصين على التكاليف الاقتصادية والعسكرية التي قد تترتب على ذلك.

إن هذه البقعة من عالمنا تحتاج التعامل كمن قبل كافة الاطراف بحنكة وروية والحرص على الأمن والسلامة للجميع. ولا بد من أن يحرص كل طرف على تقديم الأفعال الممهدة لكل لقاء وسلام وطمأنينة مع الأطراف الاخرى. بهذا فقط نمنع أي فتيل نزاع ونحفظ امن واستقرار المنطقة ونصونها من اي اعتداءات تؤدي إلى حروب عالمية كبيرة.

* رئيس مجلس العلاقات الخارجية، وأحدث مؤلفاته كتاب «العالـم: مقدمة موجزة».

 

Email