في المؤتمر السنوي لحزب المحافظين أخيراً، كشفت الخُطَب التي ألقتها رئيسة الوزراء تيريزا ماي وأعضاء حكومتها عن نية ملاحقة خطة «خروج صارمة».
وبالتالي تفكيك الترتيبات التجارية التي خدمت الاقتصاد على خير وجه. وقد تضمنت أيضاً الهجمات على «النخب الدولية» وانتقاد سياسات بنك إنجلترا التي كانت عاملاً أساسياً في تثبيت استقرار الاقتصاد البريطاني في أعقاب الاستفتاء مباشرة. وتشهد اقتصادات متقدمة أخرى عديدة تطورات سياسية مماثلة. ففي ألمانيا، يبدو أن الظهور القوي المفاجئ لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف في الانتخابات الأخيرة على مستوى الولايات بدأ يؤثر بالفعل على سلوك الحكومة.
وفي الولايات المتحدة، حتى لو فشلت حملة دونالد ترامب الرئاسية في إعادة الجمهوريين إلى البيت الأبيض (كما يبدو مرجحاً على نحو متزايد، نظراً لتخلي العديد من قادة الحزب الجمهوري عن مرشح حزبهم الآن في أحدث تطورات هذه الحملة غير العادية)، فإن ترشحه من المرجح أن يخلف تأثيراً دائماً على السياسة الأميركية.
وإذا لم تحرص إيطاليا على إدارة استفتائها الدستوري فإن هذه المحاولة المحفوفة بالمخاطر من قِبَل رئيس الوزراء ماتيو رينزي لحشد الدعم قد تُفضي إلى نتائج عكسية.الخيارات السياسية الرصينة والجديرة بالثقة متاحة، فبعد سنوات من الأداء الاقتصادي دون المتوسط، نشأ اتفاق واسع النطاق على أن التحول بعيداً عن الاعتماد المفرط على السياسة النقدية غير التقليدية أمر مطلوب.
يكمن الخطر في تفاقم حالة الغضب والإحباط الشعبي مع مزاحمة السياسة الرديئة للاقتصاد الجيد، وهو ما من شأنه أن يجعل السياسة أكثر سُـمّية. ولا يملك المرء إلا أن يأمل أن تتولى قيادة سياسية مستنيرة زمام الأمر في الوقت المناسب لجعل التصحيحات المطلوبة في منتصف الطريق طوعية، قبل أن تدفع العلامات الواضحة الدالة على الأزمة الاقتصادية والمالية صناع السياسات إلى الارتجال العشوائي للحد من الضرر.
* كبير المستشارين الاقتصاديين في أليانز، ورئيس مجلس باراك أوباما للتنمية العالمي