دندنـة

ما أحلى الرجوع إليه

ت + ت - الحجم الطبيعي

جيل الطيبين أو جيل الستينات والسبعينات الجميع يتذكر «اللعب في الفريج»، وكيف ومتى كنا نخرج من المدرسة، وكيف كان خط سيرنا وصولاً للبيت، كانت الدراسة تنتهى في الساعة الواحدة، كانت مدرستنا «المعهد الديني» تقع في المنطقة الواقعة خلف فندق حياة ريجنسي وعلى مقربة من مدرستنا كان الملعب الرملي الكبير علامة من علامات المنطقة، المرمى في الجهتين محدد بأحجار، ولم يكن المرمى محدداً بأعمدة وشباك وكل ما كان موجود هي مجموعة حصوات تحدد شكل الملعب.

كنا نؤمن كثيراً بالقيادة في تلك الفترة الجميلة كان لـ«كابتن» الفريق «طنه ورنه» فكانت كلمته قوية وكانت هيبته واضحة، وكنا نحن في طريقنا إلى البيت نلعب مباراة أو أكثر، بطبيعة الحال لم يكن هناك حكام لإدارة المباريات، وكان الحكم يلعب ضمن الفريق في أغلب الأحيان، فكان يلعب ويحكم ويوجّه اللاعبين في النقاط العديدة والمختلفة، كانت المباراة الواحدة من مباريات ملعب الفرجان تصل إلى الساعة، وربما لأكثر في أحيان أخرى والطامة الكبرى كانت عندما نفوز في تلك المباريات، كنا نحتفل في طريقنا وصولاً للمنزل بالأهازيج وأغاني الانتصار، وبطبيعة الحال كنا في أغلب الأحيان نمشي كل الطريق من المدرسة وصولاً للملعب، ومن ثم وصولاً إلى المنزل والذي كان لا يقل ابتعاده عن المدرسة والبيت في حدود ساعة سيراً على الأقدام.

أماّ في الفترة المسائية فكان البروتوكول يختلف إلى حد ما، فإذا كانت المباراة على ملعب الخصم كنا نذهب من بيوتنا مشياً، حيث كانت الفرجان قريبة ومتلاصقة، وفي الطريق أيضاً كنا نغني الأهازيج والمقاطع الغنائية رفعاً للمعنوية وعندما كنا نصل إلى ملعب الخصم .

يبدأ بروتوكول المباراة فنتناقش في زمن المباراة والتغييرات والشروط الخاصة، لكن كانت هناك عادات خارجة عن النص، حيث كان معروفاً في بعض مباريات الفرجان في حالة هزيمة الفريق الضيف، فكان ينتظر اللاعبون المهزومون حتى خروج أصحاب الأرض والذهاب لبيوتهم، وبعدها كان الفريق المهزوم يكسر زجاجة أو أكثر حسب درجة غضبه من الهزيمة ونتيجة المباراة وينثره في أرجاء الملعب، وفي اليوم الثاني كان هناك وفد من الفريق المهزوم والذي تضرر ملعبه يذهب إلى الفريق الآخر ويزيل المرميين وشباك المرمى ويحضرها معه، وفي اليوم التالي كان العقلاء من الفريقين يتدخلون لحل المعضلة، وعادة كانت تقام هذه الهدنة والاتفاقيات الرجولية بسرعة شديدة، وتنتهي المشكلة وفي أحيان أخرى كان بعض كبار السن والعقلاء يتوسطون لحل المشكلة.

كانت الملاعب الرملية في دبي آنذاك معدودة ومنتشرة في الفرجان كالضغاية والرقة وهور العنز وعيال ناصر، وبعدها بعدة سنوات في الراشدية، وهكذا في منطقة الرفاعة والجافلية والسطوة وجميرا وأم سقيم في بر دبي .

ما أحلى تلك الأيام، وما أجمل ذكريات ذلك الزمن، وما أحلى الرجوع إليه، طبتم وطاب يومكم.

Email