كارت أحمر

صحة المجتمع والرياضة

ت + ت - الحجم الطبيعي

جميل أن تستحدث في دولتنا وزارات وحقب وزارية ومبادرات غير تقليدية تلبي احتياجات الطموحات المشروعة للدولة في مواكبة الدول الأكثر تطوراً في العالم بل وسبقها في بعض المجالات، وهناك عمل جاد ومنظم على المستوى الحكومي وسعي دؤوب في عالم التميز والابتكار الذي يصب أولاً وأخيراً في مصلحة سكان الدولة ككل، ولكن للأمانة هناك جانب واحد لا يزال يحتاج إلى إعادة نظر وبصورة معمقة حتى يتماشى مع ما يحدث في الدولة من قفزات نوعية في شتى المجالات إلا وهو الرياضة بصورة عامة وخاصة التي تتعلق بالعافية (Well Being) والعيش بصحة جيدة، حيث نفتقد في هذا الجانب مراكز البحث العلمي الرياضية والمؤسسات التي تختص في رفع معدل الشعور بالصحة ومقاومة الأمراض طوال حياة الإنسان من خلال جعل الرياضة أسلوب حياة، وما يتبع تلك المنظومة من ثقافة ووعي.

والمخيف في الأمر وفق مشاهداتي الخاصة وملاحظات أفراد المجتمع في المجمل أن نسبة كبيرة من الأطفال والأجيال الشابة في الدولة بعيدة كل البعد عن تبني طريقة عيش نشطه بدنياً وتعد قلة الحركة هي السمة الرئيسية لتلك الفئات من السكان وما يزيد التحدي صعوبتا أن نوعية الأكل والشرب التي تستهلك تعتبر بدورها عاملاً سلبياً آخر في منظومة ارتفاع معدل الأوزان ونسبة الدهون الضارة في الجسم وما يصاحبها من أمراض مختلفة، ولا أعتقد أن الأمر يجب أن يترك للاختيارات الشخصية للفرد وحسب بل ينصح بتدخل الجهات المعنية واستحداث حقبة وزارية أو هيئة تعنى بهذا الجانب الحيوي من التنمية الشاملة للأمم، مما يعكس بصورة جدية مدى ارتباط الصحة والعقل السليم بالرياضة والنشاط البدني.

وسبق أن تناولت في مقالات سابقة أهمية بناء البنية التحتية والمرافق للممارسة الرياضة في المجتمع بين جميع المراحل السنية وبين الجنسين في جميع الأماكن والأوقات، وجعلها بمقابل رمزي لضمان الجودة وتأصيل ثقافة الرياضة وأهمية ممارستها كعادة يومية في المدارس بداية من مرحلة الروضة واستغلال عدد المدارس الكبير في الدولة، واستغلال مرافقها الرياضية لأفراد المجتمع بعد أوقات الدوام الرسمي للطلبة، وتحويل جزء من مباني ومساحات تلك المدارس لمراكز رياضية يساهم القطاع الخاص في بنائها كمنظومة تجارية يعود جزء من دخلها للمدرسة نفسها لتطوير برامجها الرياضية وصناعة الأبطال الأولمبيين.

وفي وجهة نظري الخاصة إذا كنا لا نفكر في استضافة الأولمبياد في سنة 2028، فإن لدينا إشكالية حقيقية في التخطيط الاستراتيجي لجعل الرياضة جزءاً من آليات بناء الماركة التجارية للدولة وهي الذهب الأسود الأغلى في مرحلة ما بعد النفط.

فهل سنرى مؤسسات وقيادات تملك فكراً خلاّقاً بعيداً عن المحسوبيات، وأسطوانة القيادات الشابة، والمدرسة القديمة والخبرة لتصبح الكفاءة والإبداع والابتكار والثقة، ووضوح الرؤية وآليات ومؤشرات تنفيذ ومتابعة نوعية لضمان الجودة والمخرجات التنافسية المستدامة، هي المعايير التي يرتكز عليها لتخطيط مستقبل الرياضة في الدولة بثوب جديد يناسب المرحلة.

Email