كارت أحمر

الدبلوماسية الرياضية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الرياضة هي القوة الناعمة الأسرع تأثيراً في الجمهور بجانب الفن من تمثيل وغناء... إلخ، والرياضة تعتبر من أدوات الدبلوماسية الشعبية المهمة، كونها غير قسرية، وتصل من خلالها الرسائل بانسيابية إلى أكبر عدد ممكن من العامة على الصعيدين الدولي والمحلي، وهي من ركائز بناء السلام وبناء الدولة ومنصة حيوية للحوار والتبادل الثقافي ومكافحة الآفات المجتمعية كعدم قبول الآخر وتقبله، كما أنها تساهم في تطوير البنى التحتية في الدول.

ومن ناحية أخرى، تستغل الأحداث الرياضية كوسيلة لبناء الثقة بين الخصوم وتقليل العداء بين الشعوب، كأن يأتي لاعب أجنبي من دولة أخرى، ويصبح محبوب الجماهير، وسفيراً فوق العادة لبلده، أو يتألق فريق رياضي بصورة لافتة، ويصبح له عشاق في كافة أنحاء المعمورة، ولك أن ترى بعض المدن العربية، وكيف تتحول لكرنفال لإعلام الدول المشاركة في كأس العالم، والتي تملك حظوظ الظفر باللقب، وتحظى بتعاطف وتشجيع تاريخي من أطياف المجتمع كافة.

وما ينعكس من فائدة لمدينة دبي على سبيل المثال من تنظيم كأس دبي العالمي للخيول، وهو الأغلى والأشهر عالمياً في الوقت الحاضر، يعادل ما تصرفه بعض الدول من مليارات الدولارات للتسويق لها كماركة تجارية وتقديم نفسها للعالم بصور حضارية، ونفس الحال تنطبق على استضافة العاصمة أبوظبي لسباق الفورمولا 1 للسيارات الرياضة، ولذلك تعد الرياضة استثماراً أمثل تجني من ورائه الحكومات الذكية المليارات من مردودات غير مباشرة وعلى المدى البعيد وبصورة مستدامة.

فالرياضة، ترتقي لممارسات الطقوس الدينية، ولها حضور مؤثر على جميع المستويات، وتبقى معظم الدول العربية متخلفة عن العالم عندما يتعلق الأمر بالدبلوماسية الرياضية مع استثناءات خاصة على مستوى محدود، ومن النماذج المشهورة لاستخدام الرياضة كأداة دبلوماسية فاعلة، لعبة كرة الطاولة، التي ساعدت على فتح العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في 1970.

فلا بد من الاعتراف أن دبلوماسية الرياضة وسيلة مشروعة وفعالة في العلاقات الدولية والعلاقات الداخلية، وليس مجرد مشروع مثير للاهتمام، وهو ما حدث في الألعاب الأولمبية الحديثة في عصر الحرب الباردة، حيث تبنت دول مثل الاتحاد السوفيتي وألمانيا الشرقية ورومانيا وغيرها من دول الكتلة الشرقية في ذلك الوقت الرياضية كدليل على فضائل النظام، وباعتبارها وسيلة لتحقيق فرحة النصر والتفوق للنموذج الاشتراكي، ونقل ذلك الشعور إلى الجمهور في الداخل وتحريك الرأي العام على الصعيد الدولي.

Email