جودة التحكيم

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد يقول البعض انتهى موضوع التحكيم، وأقول هذه مشكلتنا، زلزال وحمم بركان وتصدع أراضٍ ووديان، لا نريد مجرد ردود أفعال في كل مكان وفي كل زمان، نريد التفكير عند الهدوء والتدبير بهدوء، والكتابة فقط للتعبير بهدف التغيير ونحو التطوير.

وقبل الشروع في كتابة جوهر جودة التحكيم في كرة القدم وما قد يمكن استعراضه في هذا المجال من خلال هذا المقال، يحتم علي الواجب التطرق إلى ما قد آل إليه الحال وهناك أكثر من مثال، وكما أن المال هو عصب الحياة وهو أيضاً عصب الكرة، وكما أن الحُكم أساسه العدل، وكذلك الحَكم في كرة القدم هو عصب الملعب وهو رائد العدل وصاحب القول الفصل، ومنذ مدة وتحديداً في شهر ديسمبر الحالي تم الحكم على الحكام في كرة القدم بعدم الصلاحية، وذلك من قبل الأقلام والإعلام وأيضاً من قبل الأعلام في رياضة كرة الأقدام.

والكل يهاجم الحكام إلا فيما ندر، ولا أحد يدافع عن الحكام إلا فيما ندر، وبدلاً من اللعب بكرة القدم أصبح اللعب بالحكم، ولهذا كان مقالي في الأسبوع السابق في محاولة للسباحة ضد التيار، وأعتقد لهذا تواصل معي زميل خليل وهو أشهر من النار على العلم في عصر الجيل الجميل، حكم ولاعب دولي سابق، صانع لعب وهداف وحكم حاذق، أعتقد أنه لأول مرة يتحدث معي هاتفياً ولم أره منذ سنوات، وفي الواقع أنه تحدث لي بقلبه قبل أن يتحدث بفمه، تحدث لي بروح وطنية وتحدث لي بعقلية استثنائية، وقال إن التحكيم يحتاج إلى قلب حكيم، وقال إن التقييم يحتاج إلى عين عليم.

وأقول إنه بلا شك أن كل من في الملعب وحوله له مصلحة شخصية، ولهذا لابد من شخصية مستقلة، من خارج البيئة ومتابعة لصيقة وليس لها مصالح متضاربة، هنا يتحقق النقد الإيجابي وهو مدخل التنوير وبالتالي التطوير، وأقول إن الحكم ليس مجرماً حتى يتم كيل الاتهامات عليه وليس عدواً حتى يتم مهاجمته ومعاداته، وليس طفلاً حتى تتم تربيته وتأديبه، وليس مشاغباً حتى يتم تقويمه ومعاقبته، هذا الحكم هو القائد وهو القاضي وهو الحاكم وله كل الالتزام والاحترام وحتى عند تعثره علينا مناصرته، بهذا سيتطور وسيبدع، ومع ذلك فإن مفتاح النجاح عنده هو وحده، وشخصية الحكم لابد أن تكون شخصية عصامية استثنائية.

ومع ذلك تظل شخصية إنسانية من مياه ومواد طينية، والأهم أن يبتعد أصحاب ضعف النظر عن المنظر، لا نريد أن نسمع (شوف بالعرض البطيء جداً كيف تمت العرقلة؟) وكلنا لا نعرف ما هي كمية العرق في عين الحكم وغير ذلك كثير.

الجودة في الإدارة تهدف إلى إنجاز العمل متكاملاً وفي التوقيت المناسب، وهذا يتطلب الكثير من البحوث والتجارب والعمليات والمراجعات والمقارنات، ومع ذلك لا يمكن تحقيق الجودة لأنها باختصار ليس لها خط نهاية وتتجدد باستمرار، ولهذا فإن من أوضح تفاسير الجودة هي أنها تصفير الأخطاء، وبلا شك أن هذا لا يمكن في كل مجال مع وجود الإنسان.

فما بالك بمجال التحكيم، ولهذا نحور التصفير إلى التصغير، وفعلاً نستطيع تصغير أخطاء التحكيم سعياً نحو تقليص عددها وتقليص تكرارها وتقليص تأثيرها وتقليص أنواعها، وكل ذلك يحتاج إلى عمل مؤسسي ولا أشك في وجوده، إلا أنني على ثقة من أنه يحتاج إلى إعادة هيكلة وربما إلى إعادة بناء قواعده، فالبناء الجديد لا يتم على البناء القديم ولابد من بناء من حديد، فهل نستطيع أن نرى حكماً إماراتياً مونديالياً في كل بطولة عالمية، نعم ولم لا؟ 80% على الحكم نفسه و20% على المؤسسات الرياضية.

Email