وجهة نظر

أُكتب عن التحكيم

ت + ت - الحجم الطبيعي

فعلاً هذا الممشى متنفس، ليس فقط متنفساً للأشجار والأزهار، بل أيضاً للإنسان ولما هو مخزون في صدور الرجال وما يتم تداوله من أخبار، عندما قابلني بو عبدالله بادرني بقوله لي: »أُكتب عن التحكيم«، وقد كان مستعجلا ً جداً ولم يمنحني الفرصة للاستفسار، وإن كانت لا توجد حاجة لذلك، فالحديث والكتابة عن التحكيم أصبح مثل الملح في الطعام، لا توجد صحيفة ولا قناة ولا تغريدة ولا جلسة رياضية إلا وفيها فقرات تحكيمية، الحكم موجود في كل لعبة مثل الملح في كل وجبة حتى في الحلويات أحياناً، ولذلك التحكيم في كرة القدم هو العمود الفقري بل العنصر الاستثنائي في ملعب كرة القدم، وبالتالي فإن أهمية التحكيم أمر بديهي ومسلم به ولا نحتاج إلى تسليط الضوء عليه، ولكن يبدو أن الموضوع زاد عن حده وبالتالي انقلب ضده، وبدلاً من أن يكون الحكم عادلاً أصبح معادياً ومتعدياً ومتعنتاً، هكذا يتحدثون وهكذا يكتبون وهكذا يغردون، وأصبح الاستعداد لمواجهة الحكم أهم من مواجهة الخصم.

لا أعتقد أن بوعبدالله يقصد أن أكتب عن التحكيم للدفاع عنه، وقد دافعت عنه سابقاً في عدة مقالات ومازلت في صف الحكام والتحكيم وسأظل كذلك، ولا أعتقد أنه يقصد أن أهاجم التحكيم فهو اللاعب الخبير وهو الإداري القدير علاوة على أنه ليس له في حسن الأخلاق نظير، ولكنه يعكس لي واقع المجتمع الرياضي الكروي، وربما يرغب في الاطلاع على الرأي المحايد دون انتماءات أو مصالح أو أهواء أو أعداء ولا حتى أصدقاء، رأي مجرد وبالعين المجردة.

وهذا رأي جديد قديم وهو رأي ثابت ودائم، رسمياً في الملعب هناك حكم رئيس واحد وهو القاضي فإما صالح وإما طالح وهذا له علاقة مباشرة بالشخصية والنية وهذا مسؤولية الاتحاد والأندية، هل هناك حكم ذو شخصية ضعيفة؟ هل هناك حكم ذو شخصية غير سوية؟ هل هناك حكم ذو شخصية مجاملة؟ لا أعتقد ذلك مطلقاً وليس لهم وجود في دولة الإمارات، وإن وجدوا فلابد أن يستبعدوا، وفي تقديري أن هذا يعني أن كل أخطاء التحكيم هي أخطاء تقديرية مع وجود الاستثناءات لأن الحكم يظل بشراً وليس حجراً ولهذا قد يكون لدى البعض من الحكام أحياناً ردود فعل لا إرادية، ولكن ما هو سببها؟ ومن متسبب فيها؟ وما هي نسبة أخطاء الحكام مقارنة بأخطاء اللاعبين والتي تنسف نتائج المباريات أو أخطاء الإداريين والتي تبعثر الملايين.

الكل يهاجم الحكم ومطلوب من الحكم أن يدافع عن المظلوم، فمن يدافع عن الحكم؟ كيف سيكون الملعب بدون حكم؟ وهل مطلوب حكم لكل لاعب، بل ولكل إداري ولكل مدرب وربما لكل رئيس مجلس إدارة، ولا أستبعد أن يكون هناك حكم لكل متفرج.

خلال الأسبوع الواحد نشاهد أكثر من سبع مباريات وملخصات لأضعاف ذلك، من مباريات دولة الإمارات إلى أندية مختلف القارات، وبثقة أقول إن دولة الإمارات بخير، على قيادات الأندية والاتحاد التعاون لتطوير إنجازات حكام دولة الإمارات، ويظل الحكم هو العنصر الأهم في تقدم كرة القدم، واللجوء إلى الاستعانة بالحكام الأجانب سيكون خطوة تراجعية وانهزامية، فكرتنا أجنبية في وطننا بمدربين أجانب ولاعبين مؤثرين أغلبهم أجانب ولا تبقى لنا سوى حكامنا؟ ولهذا سيظل التحكيم هو الحلقة الأضعف في نظر ضعفاء النظر.

Email