كل حيــــن

كرة المال

ت + ت - الحجم الطبيعي

نعم العنوان هو كرة المال، فأنواع الألعاب الكروية تعددت وتنوعت في العصور الحديثة، وأصبحت تلعب في كل أنواع الملاعب، كما أنها تلعب بكافة أجزاء الجسد وجوارحه، وكرة القدم تحديداً أصبحت تتقاذفها الأيادي أكثر مما تتقاذفها الأقدام، وأصبحت ممارستها شائعة في المكاتب أكثر من ممارستها في الملاعب، ولهذا أصبحت كرة القدم هي كرة المال، وما أدراك ما المال، فهو يبدل الإنسان من حال إلى حال، ولا يكتفي بأن يتحول به الفقير إلى غني، بل إنه يحول السعيد إلى شقي ويحول العدو إلى وفيّ، والمال كما هو نعمة هو نقمة والإنسان منه لا يكتفي.

والعالم حالياً لا يتكلم إلا عن المال، وكرة القدم حالياً هي أحد أهم القطاعات الاستثمارية متعددة الجنسيات، و»فيفا« حالياً من أكبر المؤسسات من المنظور المالي التي لا تتأثر بالفقاعات الاقتصادية وهي تقريباً بدون مخاطر وباختصار هي البقرة الحلوب، ومن المستحيل بعد صعود قمتها التنازل عنها بسهولة أو دون تدميرها وتدمير من فيها.

في كافة مؤسسات العالم هناك أموال وبالتالي هناك أرض خصبة للفساد، والفساد لا يكون فقط باختلاس الأموال أو الاستيلاء عليها بطرق شرعية وقانونية وإنما أيضاً إغرائية وسلطوية، وأصحاب الاختصاص في إدارة المنظمات والأعمال أو في التدقيق على الحسابات والأموال، ومهما كانت الدفاتر سليمة، يعرفون أن رائحة الفساد لا بد أن تفوح ولا يمكن مطلقاً إخفاؤها في الأدراج، ومليونا »فيفا« مجرد مثال، و»فيفا« منظمة عملاقة عالمية عريقة رياضية واجتماعية ومالية، لا مجال فيها مطلقاً للعلاقات الشفهية أو الشخصية، وهذه مبادئ أولية وأساسية لا تحتاج إلى محترفين ولا قانونيين، وأحياناً ليس المال الذي يعمي القلوب قبل أن يملأ الجيوب، ولكن حب الكرسي وداء العظمة وهوى السلطة هي من يسمح للرعية في المنظمة الكروية للمجاملة والتورية، وأعتقد أن السكوت هو أيضاً فساد، ولهذا هناك في السجن مظاليم وأحياناً القانون يحمي المجرمين.

ولعبة المال في كرة القدم ليست حكرا ً على القيادات وأصحاب النفوذ والصلاحيات، فالأخبار تتواتر عن المراهنات وعن شراء الذمم وتحويل الصفقات وعن تعمد الطرد والإصابات وعن التسبب في ضربات الجزاء وكذلك إضاعة التسديدات، فلقد اختلط الحابل بالنابل، واختلطت الهواية مع الغواية، واختلط الانحراف مع الاحتراف.

مهمة الرئيس الجديد هي العمل في العلن، ففي الأعمال النظيفة لا توجد أسرار، ولا يتحقق ذلك إلا بالتواضع وباللعب على المكشوف، بل وبترك اللعب للمساعدين، وعليه دائماً اختيار الأمناء منهم وهم نادرون، ومن ثم عليه ممارسة دور المراقب وبالقوانين، القائد في المقدمة وفي المؤخرة وفي الميمنة وفي الميسرة وفي القلب، وإلى كل حدث يجب أن يكون هو الأقرب، ويجب أن يحب نجاح الآخرين أكثر من حبه للمنصب، وإلا فإنه في النهاية ومهما كان مؤمنا أو مخلصا فإنه على كرة القدم سينصب، ابن آدم غير مضمون خاصة مع حب الشهوات، بل وأكثر فهو قد يصبح مؤمناً ويمسي كافراً والله أعلم.

Email