من بعيد

»إكسبو« في الجول

ت + ت - الحجم الطبيعي

الصورة التقليدية التي عرفناها تُشير إلى أن الرياضة تعتمد في الأساس على دعم الحكومات وتعيش وتتنفس من المال العام ولا يوجد استثناءات سوى بالدول التي بلغت شأناً في استقلالية الحركة الرياضية وتمويلها ذاتياً، وأظن أن مشاهداتي خلال زيارتي الحالية لدولة الإمارات كشفت عن دور رائد تقوم به الرياضة للترويج للمشروعات الذكية المبهرة بفضل ما تتمتع به من شعبية واهتمام إعلامي كبير.

خلال بطولة آسيا للكرة الطائرة شاهدت لوحات دعائية لحملة استضافة معرض إكسبو عام 2020 وتكرر المشهد في بطولة العالم لناشئي كرة القدم وبطولة كأس العالم للسباحة وهو ما سيتكرر أيضاً ببطولة العالم للكاراتيه التي ستُقام في دبي بعد أيام بمشاركة 1200 لاعب، والمعنى في ذهني يحتاج إلى تفسير فالدولة تتوجه إلى الرياضة لترفع رايات الترويج للأحداث الاقتصادية والسياحية والعقارية وهو أمر لم يكن قائماً من قبل عندما كانت الحكومات تدفع لتمويل إنشاء الملاعب والأندية كي يمارس شبابها الرياضة دون هدف حقيقي سوى الحصول على بعض الأرقام والبطولات.

التحول في تقديري يبدو واضحاً بإيمان الدولة بقدرة الرياضة على القيام بأدوار اقتصادية وسياحية وعقارية وثقافية، فوجود اللوحات الدعائية لمعرض إكسبو العالمي بملاعب كرة القدم والقاعات الرياضية المغلقة نقلة هامة في فهم المسؤولين للرياضة وأنها قطاع بالغ الأهمية قادر على أن يساهم بدعم باقي القطاعات الأساسية التي تقوم عليها الدول، ونحن نعلم أن الدعاية في الملاعب باتت وسيلة ذات دلالة للشركات التجارية العملاقة والتي تدفع الملايين إلى خزينة الاتحاد الدولي وغيره، لكن الجديد في دبي أن الدعاية لمشروع حكومي كبير مثل استضافة «إكسبو 2020» يتواجد في الملاعب الرياضية كوسيلة دعائية توازي الترويج الذي نراه بالطرق وعلى الجسور ومحطات المترو وغيرها، لأنها الرياضة يا سادة التي كانت خارج دائرة الاهتمام قبل نصف قرن والآن تلعب دور الجواد الذي يشارك في قيادة العربة.

وسألت عن حملة دبي لاستضافة هذا الحدث وعلمت أنها تعتمد على خمسة أعمدة أساسية تدعم موقفها في المنافسة من أجل الحصول على شرف احتضان «إكسبو»، الأول أن الموعد المقرر في عام 2020 يتزامن مع اليوبيل الذهبي لقيام دولة الإمارات وهو موعد له مغزاه ودلالته لدى أبناء هذا الوطن، والثاني أن معدل النمو الاقتصادي بلغ 5% وفقاً لنشرة صندوق النقد الدولي، والثالث وجود مطار دبي المصنّف ثالثاً ضمن أعلى مطارات العالم في التشغيل وشهد عام 2012 57 مليون مسافر، أما الرابع فيتمثل في الإبهار السياحي المُميز بتوافد ما يتجاوز تسعة ملايين سائح عام 2011 رغم حرارة الطقس أغلب شهور العام، ويبقى الأساس الخامس والأخير أن دبي ثالث أضخم سوق في العالم لإعادة التصدير من وإلى آسيا.

أعود إلى الدور الذي يقوم به القطاع الرياضي في الإمارات للترويج لهذا المعرض الذي يبعُد عنا سبعة أعوام ومع ذلك تبدو الحملة نشطة وبلغت ذروتها لاستضافة المكتب الدولي للمعارض المسؤول عن اختيار مكان إقامة «إكسبو» العالمي، وفي تصوري أن الدولة أحسنت التعامل مع القطاع الرياضي بإسناد مهمة الترويج، وبلغة المشجعين سجلت الإمارات هدفاً في حملة إكسبو بفضل اعتمادها على الرياضة ضمن فريق العمل المتمكن.

Email