الموت البطيء

ت + ت - الحجم الطبيعي

سألت مدير منتخب الناشئين العراقي على هادي عن أسباب تعثر فريقه وخروجه بشكل مؤسف من بطولة العالم، سألته متوقعا الإجابة فقال: عدم انتظام المسابقات المحلية وغياب البطولات العمرية لعامين كاملين من اهم الأسباب، لكنه دخل في صميم الموضوع وقال: عدم توفر الاستقرار في العراق كدولة ساهم كثيرا في عدم تركيز كافة العناصر سواء لاعبين أو قيادة فنية وإدارية.

استمعت منه وأنا أفكر في تشابه المأساة التي تعيشها الرياضة المصرية مع الحالة العراقية، فقد دخلت كرة القدم مرحلة الموت البطيء للأندية واللاعبين مما ينعكس بالسلب على المنتخبات..

وفى العراق الشقيق تبدو الأمور شديدة التناقض، فالأوضاع السياسية مضطربة ومع ذلك تقام المباريات المحلية وسط دوي الانفجارات والعنف اللامتناهي الذي يعيشه الأحباء وان كانت غير منتظمة وغير مستقرة، وتعاني الكرة العراقية من الحظر الدولي ومنع المنتخبات والأندية من اللعب في أرضها بالبطولات القارية والدولية، فهي مهاجرة دائما وتبحث عن الأمان في الدول المجاورة.

المعاناة الرياضية في دولتين عربيتين هما مصر والعراق لا يشعر بهما سوى من يعيش تفاصيلها، ففي مصر المسابقات المحلية متوقفة بسبب انفلات مشجعي الالتراس الذين يدمرون مع سبق الاصرار البناء الرياضي لصالح أهداف سياسية تسعى لتكريس الفوضى..

وتقام المباريات الدولية وسط حراسة أمنية مشددة وبدون حضور جماهير وكأنها حصص تدريبية، ومع استمرار التوقف بدأت الاندية الكبرى في الانهيار لتوقف الموارد المالية ووجد مدرب المنتخب نفسه أمام خيارات محدودة لاختيار لاعبين بعينهم دون غيرهم فحدث السقوط امام غانا.

والمعاناة في الكرة العراقية تدخل عامها العاشر رغم المحاولات الصادقة لتسيير الدوري لكن ما يحدث خارج الملاعب يؤثر على المزاج العام ولعل المستوى الذي قدمه فريق الصغار في بطولة العالم خير تعبير عن الأوضاع السلبية ويكفي أن الفريق استعد لعدة اشهر بعيدا عن ارضه مغتربا يخوض مبارياته الودية والرسمية ضيفا في ملاعب الغير وهي ملابسات بالغة الصعوبة لمثل هؤلاء اللاعبين الصغار.

السياسة كانت ومازالت بالنسبة للرياضة العراقية والمصرية زلزالا مدمرا وفي ظني أن الشعوب بدون ممارسة رياضية مكتملة تفقد الكثير من مقومات التواصل مع مشروع التنمية والتطوير، وبدون رياضة يتحول الشباب الى ما لا نتمناه، إن الرياضة حياة لا يشعر بقيمتها إلا من تحرمه السياسة اللعينة من ممارستها.

Email