من بعيد

«باسبور»..للبيع

ت + ت - الحجم الطبيعي

مفاجأة لم أتوقعها فجرها رئيس بعثة منتخب تونس المشاركة في بطولة العالم للناشئين عندما كشف عن استخدام بعض الدول الافريقية جوازات سفر مؤقتة أو ما يسمى بجواز مخصص لمهمة واحدة، في بعض البطولات الرياضية تحت السن، وجاءت كلماته لتفسر أسباب تراجع منتخب كوت ديفوار بطل القارة وحصوله على المركز الثالث في مجموعته.

وفى المساء سمعت ما هو أكثر خلال مشاركتي في برنامج عاصمة المونديال بقناة ابوظبي الرياضية من زميل صحافي مغربي أكد أن منتخب كوت ديفوار تأثر فنيا لغياب خمسة لاعبين اساسيين كانوا من أعمدة الفريق خلال تصفيات افريقيا للناشئين، وألقى الزميل بالمفاجأة، بأن اللاعبين الخمسة كانوا فوق السن المقررة وشاركوا بباسبور مؤقت تم تمريره في التصفيات ولكن تم استبعادهم من بطولة العالم بالإمارات هربا من صرامة لوائح الاتحاد الدولي التي تمنع بل تعاقب كل من يحمل جواز سفر لمهمة واحدة باعتباره أوراقاً حكومية مشكوكاً في أمرها.

والقضية يبدو أنها صحيحة. فالفريق المذكور هبط مستواه بشهادة من تابعه خلال التصفيات والمعلومات تشير الى أن تزوير الاعمار في قارة افريقيا مسألة اختلف تناولها، ولم تعد في شهادة ميلاد اللاعب بل في اصدار جواز سفر محدد المدة يمكن التلاعب في بياناته ثم إلغائه بعد البطولة وكأن شيئا لم يكن..

وسألت مسؤولا سابقا في الاتحاد الافريقي يتواجد هنا في البطولة اكد وجود الظاهرة الخبيثة لكن بشكل محدود بعد أن شدد الاتحاد الدولي قبضته على الاتحادات الأهلية ولجأ الى وسائل لمقاومة التحايل في أعمار اللاعبين بالبطولات السنية، ولم ينف المسؤول اختفاء الظاهرة في البطولات التي تقام داخل القارة الافريقية وقال: هناك القليل من التلاعب والكثير من غض البصر عنها.

وحكاية جواز السفر المحدد بمهمة ليست غريبة عن بعض الدول العربية وتم استخدامها خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي في بطولات عربية ثم توقفت تماما احتراما لقيمة "الباسبور" باعتباره ورقة رسمية صادرة من الدولة لا يجوز الطعن في شرعيتها والمساس بمصداقيتها..

وكان الدافع وراء تداول هذه النوعية من جوازات السفر المشاركة في بطولات رياضية بلاعبين تحت السن في الوقت الذي لا تتوفر فيه هذه النوعية فى كثير من البلدان الناشئة، وتدخل الاتحاد الدولي لإيقاف هذا السلوك الخطير ولجأ الى تسجيل اوراق اللاعبين وتصويرهم ثم اخضاعهم لفحص الرنين المغناطيسي الذي يحدد بشكل قاطع عمر اللاعب. وبالمناسبة أخبرني الدكتور مجدي اسكندر عضو اللجنة الطبية باتحاد الامارات للكرة انه لا يوجد في بطولة العالم الحالية اي حالة تلاعب فى الاعمار بفضل فحص الرنين المغناطيسي القاطع.

ومن المهم ان نتذكر التصريح الذي ادلى به جيروم فالكه الرجل الثاني بـ فيفا قبل أيام فى دبي حول التلاعب فى الاعمار نافياً اكتشاف اي حالة، وأن العقوبات لن تقتصر على اللاعب المجرم فحسب بل تمتد بالإيقاف الى الدولة التى ينتمي اليها، على العكس من الالعاب الفردية التى تقتصر العقوبة فيها على اللاعب والطبيب المعالج. ولعل فالكه كان يشير بشكل غير مباشر الى وجود ظاهرة الجوازات المحددة المدة الكريهة، وفى ظني أن احكام السيطرة على بطولات العالم لا يكفي ويجب امتداد هذه السيطرة الى البطولات القارية حتى تختفي ظاهرة "باسبور" للبيع.

Email