من بعيد

توارد خواطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا أتفق مع الانتقادات اللاذعة التي وجهها الغيورون على منتخب الناشئين الاماراتي عقب هزيمته الثقيلة امام الفريق البرازيلي بنصف دستة أهداف، وأتفق على قسوة النتيجة فى مباراة تقام ضمن بطولة العالم بأمنيات عريضة غير منطقية وبعيدة عن الواقع من وجهة نظري المتواضعة.

الانتقادات جاءت عنيفة وطالت الجهاز الفني وأسلوبه في إدارة الفريق وامتدت الى معسكرات الإعداد ووصفتها بالطويلة جدا ولم ترحم المباريات الودية التي خاضها مع فرق ذات مقومات افضل، وقللت من شأن النتائج المعقولة التي حققها ومنها التعادل مع الارجنتين والفوز على ايران، وفي ظني ان المواجهة مع فريق الأمل البرازيلي كانت ظالمة لناشئي الامارات بسبب الفوارق الفنية والبدنية الواضحة، وهنا يتوارد الى خاطري هزيمة منتخب مصر الأول قبل ايام أمام غانا بنفس النتيجة، وتفجر براكين الغضب على المدرب الأميركي بوب برادلي واللاعبين، وقيام وسائل الاعلام بالمطالبة باعتزال الكبار منهم، وهي هزيمة كانت مؤكدة وليست مصادفة او ناتجة عن سوء حظ، لكنها تعود في الاساس الى الفوارق الفنية والبدنية الهائلة بين الفريقين.

لا نبرر خسارة صغار الامارات امام البرازيل، ولا ندافع عنها، لكن يجب التعامل معها من زاوية المقارنة العادلة، فقد شاهدت من الملعب لاعبي البرازيل يقدمون بعضاً من فنونهم باستمتاع، سواء في الدفاع او الهجوم وفي استخدام مهاراتهم الفردية الفطرية بكفاءة عالية لا أظن أنها من صنع المدرب، بل هي موروث شعب يعشق كرة القدم ويمارسها في الملعب والشارع والشاطئ، وحتى اثناء النوم، شاهدتهم يسجلون الهدف تلو الآخر دون اكتفاء بهذا القدر من الأهداف، ورغم سهولة المباراة وانهيار الأبيض الإماراتي الصاعد، واصل لاعبو السامبا الضغط والهجوم بأكبر عدد من اللاعبين دون تهاون، شعرت بأنهم يستمتعون في الوقت الذي ظهر الفارق مع أولادنا شاسعاً.

لم تعد كرة القدم على مستوى الكبار تعتمد على الحظ والمصادفة والارض والجمهور، بل على الأداء الفاهم والتكتيك المحفوظ عن ظهر قلب، وقبل ذلك لياقة بدنية عالية تسمح بتنفيذ كل ذلك، وفي مباراة كوماسي عجز اللاعبون المصريون وانكشفوا تماما امام الأداء الجماعي المبهر للغانيين، ولذلك كانت الهزيمة هي الأثقل في تاريخ الكرة المصرية، وسيكون لها تأثير سلبي للغاية.

ولكن الوضع مع المنتخب الإماراتي مختلف، فقد كسبت كرة الإمارات مجموعة من الشباب يمكن الاهتمام بهم وعلى المدى الطويل ضمن برنامج بناء منتخب ناضج أكثر خبرة وفهماً لمتطلبات كرة القدم الحديثة، وهذا ما اتصور أنه المطلوب، وليس ذبح الفريق في صالونات التحليل الفارغة.

Email