من بعيد

حقوق بث ممنوعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لعلها من أغرب البطولات التي شاهدتها وشاركت فيها بصفتي الصحافية تلك التي تتوالى منافساتها هذه الأيام في الإمارات، بطولة العالم لناشئي كرة القدم، وتجرى مبارياتها بعيدا عن العيون بسبب حصول قنوات "الجزيرة" على حقوق البث الحصري منفردة ليصبح المشهد على أرض الواقع غاية في الغرابة، فالدولة المضيفة لا تملك أن تذيع ليس مباريات منتخبها على الأقل، بل لا تملك ما هو أكثر، سواء ملخص المباريات أو الأهداف أو حتى لقطات إخبارية مختصرة، كل هذا يندرج ضمن الممنوعات، وفي النهاية لا تأثير للبطولة على الشارع الإماراتي.

*لم تقدم الجزيرة أي مبادرات للدولة المضيفة في السماح ببث مباريات الإمارات أو بعضها، وسحبت البساط من تحت أقدام قناتي أبوظبي ودبي الرياضيتين وتركتهما في وضع بالغ الصعوبة من الناحية المهنية، وهالني أنهما يقدمان برامج عن البطولة عبارة عن كلام في كلام دون بث أي لقطات من المباريات.

والغريب أن الخطوط الحمراء طالت حتى التغطية في فنادق الفرق المشاركة ومنع تصوير الجمهور أمام بوابات الدخول والأكثر غرابة أن الاحتكار وصل الى الصور الفوتوغرافية الثابتة للمباريات وهكذا لم يبق شيء أمام القنوات الإماراتية سوى "صالونات الكلام".

*لا نجادل في حقوق قناة الجزيرة من الناحية القانونية لكن العناد بلغ أشده والتعنت وصل الى الذروة، فلم نسمع عن مثل هذه الحقوق الحصرية الجامعة المانعة إلا في البطولات الرياضية، ولم أستغرب ما حدث من تجاوزات عنيفة حدثت من القنوات الجزائرية والمصرية الأسبوع الماضي عندما قامت بانتزاع إشارة بث مباريات فريقيهما ضمن تصفيات المونديال رغما عن أنف الجزيرة.

وفي ظني أن الحكاية سوف تأخذ شكل الصراع بسبب الموقف المتعنت لقناة الجزيرة في بيع بعض الحقوق، وبالتأكيد الدوافع لا تنحصر في إتاحة الفرصة للمشاهدين لمتابعة المباريات ولكن هناك دوافع سياسية وفقا لما صرح به رئيس التلفزيون المصري الذي طالب الجزيرة بدفع تعويض عن بث اعتصام رابعة العدوية بواسطة معدات تلفزيونية استولى عليها الإخوان المسلمون وقتها، وأعلن مسؤول بالتلفزيون الجزائري عدم اعترافه باحتكار الجزيرة لحقوق البث وكشف عن مساومات سرية لفتح مكتب للقناة في الجزائر قوبلت بالرفض من الحكومة هناك.

*نعود الى حقوق بث بطولة العالم للناشئين فلا نجد اهتماماً من الجزيرة أو تغطية مميزة، مع غياب التشويق، ونتساءل لماذا التعنت و"العكننة" على المشاهد العربي الباحث عن بعض الترفيه بعيداً عن الأوجاع السياسية.

Email