من بعيد

انتهاكات المشجعين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تنوعت المدرجات فى مباريات دوري أبطال أوروبا بالألوان الزاهية والأعلام الملونة والحماس المجنون والتشجيع الخالي من البغض والكراهية، شاهدت هذه الصور في الوقت الذي واصل مجموعة من مشجعي الناديين المصريين الأهلي والزمالك تجاوزاتهم وانتهاكهم لحرمات الملاعب بأسوأ صورة ممكنة وصلت إلى منع لاعبي الاهلي من الخروج من مقر النادي ومحاصرتهم والشروع في الاعتداء عليهم رغم أن الأهلي حقق نتيجة رياضية مرضية بالفوز على الزمالك والصعود للأدوار النهائية الإفريقية.

وكان المشهد عند مشجعي الزمالك أكثر بشاعة ولم يكتفوا بمحاصرة النادي والذي ترتب عليه احتجاز فريق الكرة في مدينة الغردقة لعدة أيام خوفا من ملاحقة هؤلاء المتعصبين وتوفير سلامة اللاعبين.

ولكن ارتكبوا ما هو اكثر جرما وقد يسجل في ذاكرة الرياضة المصرية، عندما اصدروا بيانا عبر الموقع الرسمي لرابطة وايت نايتس تضمن مجموعة من الأوامر أبرزها إقالة مجلس الإدارة والتشاور، اي هؤلاء المشجعين الصبية، مع شخصيات تتولى ادارة النادي لمدة ثلاثة اشهر ثم اجراء انتخابات يكون لهم اليد العليا في اختيار مرشحيها وفقا لما يرونه هؤلاء السادة المشجعون، متجاهلين وجود قانون للأندية الرياضية وكأنهم يديرون الزمالك وفقا لاهوائهم.

وبعيدا عن تداعيات مثل هذه التجاوزات الخطيرة نرى ان ظهور ما يسمى بروابط الالتراس في الدول العربية بداية من عام 2005 بالمغرب وتونس ثم انتقالها الى مصر عام 2007 كان نقطة تحول في المشهد الرياضي فقد اختفى المشجع العاشق لفريقه لوجه الله والذي يتحمل تكلفة هذا العشق من اجل المتعة والترفيه، ليحل محله مشجع الالتراس المدفوع الاجر، من ممولين لهم اهداف لم تكن مفهومة.

وفي ظني ان انتشار روابط التراس في الملاعب المصرية ساهم في تصاعد معدلات التعصب ومحاربة المنافسين من خلال اسلحة عصرية مثل الفيسبوك لينعكس ذلك على التشجيع الرياضي، ومع تفشي الانفلات وغياب سيطرة الدولة بعد يناير 2011 تم استغلال هؤلاء المشجعين صغار السن للزج بهم في محرقة الاحداث السياسية الطاحنة، وتحولت الملاعب الى ميدان للهتافات ذات الابعاد السياسية للترويج لفصائل بعينها مع رفع اعلام الاهلي والزمالك اللذين تضررا بشدة من الزج بشعاراتهما في معركة لا ناقة لهما فيها ولا جمل.

ولا يمكن للمتابع ان يبرئ ظاهرة الالتراس من كارثة حادث استاد بورسعيد فبراير 2012 والذي راح ضحيته 72 مشجعا معظمهم ينتمون لرابطة الاهلي، وتستحق ان تكون نقطة سوداء في تاريخ حوادث الملاعب ليس في مصر بل على مستوى العالم.

فقد سيطرت مشاعر التعاطف مع الضحايا وترك العنان للمشجعين المتعصبين كي يعبروا عن غضبهم دون معارضة من الدولة الى درجة التدخل في التحقيقات امام القضاء ثم ارتكابهم جريمتهم الكبرى بتخريب ونهب مقر الاتحاد المصري لكرة القدم دون الامساك بمرتكبي الحادث.

وبدأت الحقائق تكشف عن نفسها بداية من تمويل قيادات للاخوان المسلمين لبعض اجنحة الالتراس وتوظيفها لاهداف سياسية ضد الجيش والداخلية ورفع الستار عن شبكة خطيرة لتحريك المشجعين للضغط على الدولة في منعطفات تمس امن الشارع والبسطاء.

ظاهرة الالتراس تحتاج الى دراسة لمكافحة تصاعدها وانتشارها مع الاعتراف انها جاذبة لبعض الشباب ومن الضروري البحث عن مصادر تمويلها والسؤال الاهم عن كيفية سيطرة قيادات الالتراس على اعضاء الروابط الذين لا يملكون سوى الطاعة العمياء لما يتلقونه من تعليمات سواء بقطع الطرق او اغلاق مسار القطارات او المبيت داخل الملاعب وتدمير المعاني الجميلة الكامنة في ممارسة الرياضة، وفي تقديري ان مشكلة الرياضة المصرية لن تجد حلا الا بعد حل روابط السادة الالتراس.

Email