من بعيد

اختطاف اللجنة الأولمبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تظل العلاقة ما بين اللجان الأولمبية والحكومات "ملتبسة" وغير محددة المعالم وتأخذ أشكالاً من الخلافات تتصاعد أحياناً إلى حد الصراع بطريقة "يا قاتل يا مقتول" ويحدث هذا في كثير من البلدان العربية التي يسعى بعضها إلى التمرد على سيطرة الدولة على الرياضة في حين لا يظهر هذا الخلاف علناً في أماكن أخرى بسبب الخضوع الكامل من الاتحادات للدعم الحكومي السخي أحيانا والذي لولاه لأغلقت تلك الاتحادات أبوابها.

ولكن الواقعة التي شهدتها الرياضة المصرية خلال الأيام الماضية لا نظن أنها تكررت من قبل وتعتبر مثالاً صارخاً لهذا الصراع الذي كان نائما طوال السنوات الماضية نتيجة توافق المصالح بين الجانبين، حتى حدث التغيير داخل اللجنة الأولمبية، وبدأ التمرد يتنامى بداية من تحريض الأندية على لائحتها (التي تضعها الدولة لتنظيم أعمالها)، وامتداداً إلى المشاركات الخارجية.

وهنا تفجر الخلاف بمناسبة المشاركة في دورة ألعاب الدول الناطقة باللغة الفرنسية والمقامة حاليا في نيس الفرنسية، والذي انتهى بقرار أشبه بالزلزال صدر من وزير الرياضة بإلغاء سفر البعثة قبل 48 ساعة من انطلاق الدورة، (وكانت تضم أكثر من 130 رياضياً)، اعتمادا على عدم استيفاء الإجراءات القانونية المطلوبة .

ومن بينها قرار من مجلس الإدارة بالمشاركة وتحديد البعثة على أن يكون بحضور جميع أعضاء المجلس وتوقيعاتهم على محضر الجلسة، وهو ما لم يحدث لأن القرار صدر بالتمرير (بالموبايل) لسفر بعض الأعضاء أو قضاء المصيف بعيدا عن العاصمة، ومن أجل إسكات أي أصوات قد تعترض قرار إلغاء المشاركة قام الوزير بتحويل الموازنة المخصصة للدورة وقدرها ثلاثة ملايين و800 ألف جنيه الى صندوق خيري لدعم الاقتصاد المصري وهو ما جعل اللجنة تستشيط غضباً دون أن تفصح عن ذلك.

الغضب العارم داخل اللجنة الأولمبية تصاعد فكانت الخطوة التالية كارثية "في تقديرنا"، بتسفير البعثة الرياضية المشاركة في دورة ألعاب دول التضامن الإسلامي باندونيسيا دون استئذان الدولة أو حتى إخطارها رغم أن موازنة الرحلة بالكامل مدفوعة من المال العام في خزينة الدولة.

والمعروف أن أي وفد رياضي يحصل على موافقة الدولة قبل السفر لأسباب أمنية ودبلوماسية ومالية أيضا، ولكن يبدو أن اللجنة الأولمبية تعرضت إلى "حادث اختطاف" لا مثيل له وتمثل في انشقاق أغلبية الأعضاء ومن بينهم الأمين العام عن الرئيس الذي يقود حرباً شرسة ضد وزارة الدولة للرياضة التي بدورها أصدرت لائحة تؤيد تطبيق مبدأ حظر المناصب الرياضية لأكثر من 8 سنوات وهو ما يقاومه رئيس الأولمبية بقوة.

وفي ظني أن الصراع سوف يتصاعد ولا نرى في الأفق سوى إقالة رئيس اللجنة الأولمبية بواسطة الجمعية العمومية أو تراجع الدولة.. وهو أمر مستبعد في ظل الظروف التي تعيشها مصر وتستدعي تثبيت أركانها حتى ولو على حساب اللجنة الأولمبية "المتمردة".

Email