من بعيد

«الكورة» في ملعب رابعة العدوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تأثرت الأنشطة الرياضية بما يدور في ميدان رابعة العدوية من اعتصام يتسم بالعدوانية والعدائية لأي نشاط إنساني يمارسه المصريون، بما فيه قطع الطرق عليهم ذهاباً وإياباً، وتعطيل المؤسسات بكافة أشكالها، وإيقاف عجلة الحياة البائسة، وبسبب تصاعد الأحداث، توقفت البقية الباقية من المباريات الرياضية، خاصة أن ميدان رابعة العدوية ملاصق لملاعب استاد القاهرة، وقريب للغاية من أندية أخرى كالأهلي والمقاولون وغيرهما، ما يهدد سلامة الرياضيين الحائرين.

الشحن السياسي الذي يمارسه أعضاء الإخوان المسلمين لم يترك الرياضة المصرية في حالها، فقد امتد إلى بعض مشجعي الألتراس وبعض النجوم أمثال محمد أبوتريكة، وتسبب في إيقاف الدوري المحلي، ثم صدور قرار بإلغائه، ليلحق بالأندية خسائر مالية فادحة وجسيمة، ومع تصاعد الشرخ في رابعة العدوية وامتداده إلى ما حولها من مناطق، اتجهت الأنظار إلى مدينة الغردقة المطلة على البحر الأحمر، وتبعد عن القاهرة 600 كيلو متر، لتصبح ملاذاً آمناً لإقامة المباريات ذات الصبغة الأفريقية والدولية بها، وعلى مضض أقيم لقاء الأهلي والزمالك في ساعات الصيام، ثم لقي الأهلي خسارة موجعة من بطل جنوب أفريقيا في نفس الملعب، وجاء الدور على المنتخب المصري ليلعب مبارياته في تصفيات كأس العالم هناك، في ظل عدم توافر خيارات أخرى.

الحركة الرياضية في مصر تلقت ضربات مؤثرة خلال العامين الماضيين، فتراجعت، وبدأت تتهاوى أمام الأوضاع المالية والأمنية الصعبة، وجاء إيقاف النشاط المحلي لكرة القدم ثم إلغاؤه للعام الثاني على التوالي، ليزيد من أوجاع المؤسسات الرياضية مع توقف الموارد المالية وعوائد التسويق وحقوق البث التليفزيوني، والتي كانت في أعلى معدلاتها قبل 25 يناير 2011، وبلغت 970 مليون جنيه متزامنة مع ازدهار في مشاريع تطوير الأندية، وتزايد الاهتمام بالبنية الأساسية الرياضية، وترافق ذلك كله مع توهج الإعلام الرياضي، بغض النظر عن الأخطاء التى ارتكبها في احتضان الألتراس، وتشجيع مظاهر التعصب الكريه، وفى إحصائية تقريبية بلغت عوائد البرامج الرياضية في خمسة قنوات فضائية ما يقارب 800 مليون جنيه لتسويق استديوهات التحليل وبرامج التوك شو الرياضي، وجاءت على قمة أولويات كل قناة تصنيع برامج رياضية يقدمها نجم سابق، يملك مواصفات جاذبة للمشاهدة ومغرية للمعلنين.

الانهيار ظهرت معالمه في 2012، بعد حادث استاد بورسعيد نقطة التحول القاصمة، وحالياً نحن في النصف الثاني من 2013 النشاط الرياضي المحلي متوقف كلياً، ولا يبدو في الأفق القريب بصيص أمل، طالما رابعة العدوية نشطة في تقسيم المجتمع وتهديده نفسياً، والأندية دخلت فعلياً مرحلة الإفلاس، بما فيها الزمالك والأهلي، العملاقان اللذان كانا الأكثر عوائد وثراء، والإعلام الرياضي أصيب بالسكتة الدماغية، وتم إيقاف جميع، وليس بعض، البرامج الرياضية، وإيقاف القناة المتخصصة الوحيدة قبل أيام، بعد أن اتجهت الإعلانات إلى التوك شو السياسي والساخن جداً هذه الأيام.

لا بد من الاعتراف أن مشاكل رابعة العدوية بكل ما فيها من تقسيم وإجهاض لأحلام البسطاء، تحولت إلى نكسة رياضية شديدة التأثير، وضربة لنشاط إنساني كان قبل عدة أعوام قليلة مصدراً للبهجة والسعادة للشعب المصري الحزين.

Email