من بعيد

إغلاق قناة رياضية

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما يطوي شهر رمضان اوراقه، تغلق آخر القنوات الرياضية المصرية أبوابها معلنة نهاية مؤسفة لمنبر إعلامي له شأنه ربما نختلف حول ما قدمته القناة من خطاب إعلامي خلال ستة أعوام عمرها الفعلي وهي قناة "مودرن" التي أرست مبادئ خطيرة في بداية ظهورها، وجاء توقفها ثمنا فادحا للإنفاق الباذخ والتباهي باستقدام كبار النجوم والصحافيين بمكافآت سخية للغاية، ونجحت خلال أشهر قليلة في تصدر المشهد الإعلامي الرياضي في مصر مستفيدة من استقرار الحركة الرياضية قبل منعطف 25 يناير2011 وتفوق المنتخب وحصوله على اللقب الإفريقي ثلاث مرات متتالية، مما ساهم في جذب المشاهدين ثم المعلنين، وقدمت أعلى الرواتب واستعانت بأفضل الكوادر الفنية وعاشت مرحلة زاهية متوهجة دون شك.

ونعترف أن إغلاق قناة اعلامية رياضية أمر مؤسف ولا نتمناه، لكن "مودرن" كانت ضحية مزج الرياضة بالسياسة وتداخل الافكار واختلاط الاوراق، وتحويل المضمون الرياضي الى "توك شو" سياسي ضعيف الاساس ويفتقد الى الاقناع، ومن المؤكد ان عدم استقرار الانشطة الرياضية وتحويل الملاعب الى ساحات للتظاهر والهتاف وتصفية الحسابات كانت سببا مباشرا فى اغلاق قنوات اخرى منها "ميلودي" وتوقف البرامج الرياضية في قنوات اخرى، وفي ظني ان الرياضة لم تعد مصدر جذب للمشاهدين أمام شاشات التلفاز، حتى ان مباراة الزمالك والاهلي القمة الرياضية التي كانت توقف الحياة في مصر، لم تحظ بمتابعة الملايين واكتفى الكثيرون بالتعرف على نتيجتها، والسبب واضح.

فلم تعد الرياضة جاذبة ولم تعد اخبار النجوم ابوتريكة وشيكابالا محل اهتمام، فى المقابل تحول رهان اصحاب القنوات الفضائية الى البرامج السياسية، بمعدلات المشاهدة العالية جدا، وهكذا توقفت البرامج الرياضية واحدآ بعد الاخر دون ضجيج او اهتمام.

والاشكالية التى تواجه الاعلام الرياضي المرئي تتمثل كذلك فى حقوق البث الفضائي للمباريات المحلية والبطولات الدولية، وتزايد تكلفة الحصول على حق البث بما يفوق العوائد من التسويق والدعاية والتي تأثرت بدورها واصبحت فى متناول "التوك شو" السياسي، واتذكر أن برنامجا رياضيا قبل زلزال 25 يناير كان يدر عوائد تتجاوز 33 مليون جنيه شهريا، هذا البرنامج توقف فعليا وأغلقت ابوابه تأثرا بحالة الكساد والركود المدمرتين لقاطرة الاعلام الرياضي التي كانت في افضل حالاتها، وتلقت صدمة ثم ضربة قاتلة عقب حادث ستاد بورسعيد الذي راح ضحيته 72 مشجعا واخذ معه المنظومة الرياضية المصرية بكاملها والإعلام الرياضي المأسوف عليه.

والصورة ليست قاتمة فالمستقبل يحمل معه مؤشرات إيجابية بعد رحيل حكم الاخوان المسلمين، وهناك ارادة لاحياء النشاط الرياضي وحضور الجماهير وعودة الإعلام ولكن بعد اصلاح المسار وتصحيح الأخطاء وهذا هو لب القضية.

Email