من بعيد

معالي الوزير الهداف

ت + ت - الحجم الطبيعي

قوبل اختيار كابتن طاهر أبوزيد وزيرا للرياضة المصرية بردود أفعال متباينة، من ترحيب واسع بين قطاع كبير من المهتمين بالشأن الرياضي، وحذر وقلق من البعض الذين يدركون صرامة اللاعب الذي كان نجما ملء السمع والبصر قبل 25 عاما وهدافاً للاهلي والمنتخب واطلق عليه محبوه لقب مارادونا العرب، وثقافته العميقة ويتذكرون مواقفه الرافضة لاحتكار المناصب والسلطات الرياضية ودفع ثمنا غاليا حتى تم إجباره قسرا على اعتزال كرة القدم دون أن يتراجع ولو خطوة واحدة.

اختيار ابوزيد لتولي الحقيبة الرياضية بالوزارة الجديدة جاء تحديا بالغ القسوة في مرحلة هي الاصعب في تاريخ الرياضة في مصر منذ ظهورها رسميا مطلع القرن الماضي، فهو احد عناصر الادارة الرياضية ولم يعرف عنه المهادنة وتقديم التنازلات حتى انه خسر الرهان في انتخابات اتحاد كرة القدم عام 2005 على منصب نائب الرئيس لاصراره على رفع شعار الاصلاح والتطوير، ولعبت المصادفة دورها عندما أمضيت معه 48 ساعة في مدينة الاقصر قبل شهرين وكان مشغولا بوضع برنامجه الانتخابي، حيث تقدم مرشحا لمنصب رئيس النادي الاهلي أحد اهم القلاع الرياضية في الوطن العربي، ولم يكشف عن مضمونه لكنه افصح عن افكاره بعبارة موجزة لن أنساها، قال: محاربة الفساد هدفي الاول والوقوف ضد تيار توريث السلطة في النادي هدفي الثاني.

الافكار الطموحة الداعية الى اصلاح الاعوجاج في المؤسسات الرياضية كانت سببا اساسيا في اقصائه داخل مجلس ادارة النادي وشن الحروب ضده من اجل الحفاظ على مكاسب مادية ومعنوية ذات قيمة عالية، وسألته عن قائمته الانتخابية، فقال انهم قيادات تحارب الفساد وتكرس جهودها لإصلاح الاوضاع البائسة وسمعته يقول: لن تتطور رياضتنا الا اذا تولى ادارتها اهلها وأبناؤها الرياضيون الشرفاء، وفور الاعلان عن اختيار الكابتن ابوزيد وزيرا تفاءل الكثيرون خيرا ولم يكن ذلك الشعور موجودا في النادي الاهلي واللجنة الاولمبية، والمفارقة ان أول تهنئة تلقاها كانت من رئيس النادي الاهلي الذي حمل لواء مقاطعته ومحاربته وكان صاحب قرار اجراء الانتخابات في شهر رمضان قبل الافطار في محاولة لإسقاط طاهر ابوزيد، وحرص خالد زين رئيس اللجنة الاولمبية على لقائه لتقديم واجب المحبة والمودة للوزير الشرس رغم ان زين كان حليفا للاهلي في معركة الغاء حظر احتلال المناصب الرياضية ثماني سنوات وبفضل هذا التحالف حصل على دعم اللجنة الاولمبية الدولية وهو صراع لا تفسير له سوى صراع احتكار المناصب.

واللافت ذلك الاستقبال الدافئ الذي حظي به الوزير الكابتن من العاملين في الوزارة رغم انهم كانوا معارضين بقوة لممارسات الوزير السابق، وأعجبني ان ابوزيد وضع ملف المصالحة الرياضية ضمن اولوياته وقرر تأجيل انتخابات الاندية حتى يمكن اعادة صياغة لائحة الاندية بما لا يخالف تعليمات الاولمبية الدولية، ولعل الرياضة المصرية التي عاشت عامين بائسين للغاية تكون على موعد مع اصلاح جاد ومخلص يقوده لاعب كرة يعيش هموم الوطن ويدرك خطورة المسؤولية الملقاة على أكتافه.

Email