من بعيد

أبوتريكة و30 يونيو

ت + ت - الحجم الطبيعي

اهتمت وسائل الاعلام خلال الاحداث الاخيرة التي تعيشها مصر بكل افعال النجم الرياضي محمد ابوتريكة وتابعت تحركاته بل وإيماءاته وكل ما صدر عنه من اشارات وايضا كل ما لم يفعله او لم يصرح به وذهبت في تفسيراتها الى ابعد مدى وهو ما يعكس خطورة تصرفات النجم الرياضي الحقيقي صاحب الشعبية والقادر على احداث بعض التأثير على الرأي العام، وابوتريكة واحد من هذه النوعية فقد حظي بإعجاب الملايين من المشجعين ووهبه الله محبة الناس لبساطته وتواضعه وتدينه وخلقه الاصيل.

وفي ظني ان ابوتريكة الذي ازدادت شعبيته حتى وهو يلعب بعيدا عن وطنه خلال احترافه في دولة الامارات لبضعة اسابيع، وضع نفسه في مأزق كبير منذ تولى الاخوان المسلمين الحكم قبل عام عندما سمح باستخدام اسمه وصورته في الحملات الدعائية للرئيس المعزول مرسي ضمن عدد من المؤيدين وارتكب خطأ جسيما بانضمامه الى رابطة الالتراس في الامتناع عن المشاركة في المباراة الافتتاحية للموسم الذي لم ينته حتى الان، وتسبب ذلك في تعميق الشرخ بين المؤيدين والمعارضين لتجاوزات هذه الفئة الغامضة من المشجعين الذين ظهروا في الملاعب المصرية وتركوا التشجيع الرياضي وانزلقوا الى ميادين السياسة ونصبوا من أنفسهم أوصياء على الاندية والاتحادات بل وأجهزة الدولة ايضا، وبات واضحا ان ابوتريكة سقط تحت ضغوط هؤلاء المشجعين في المرحلة التي تحولت قيادتها الى رموز من الاخوان المسلمين وهنا كانت المشكلة.

أبوتريكة وجد نفسه تحت سيطرة الاسلام السياسي الحاكم بشكل مباشر وشعر بخطورة موقفه فوافق على الابتعاد عن النيران التي تكاد ان تحرق اصابعه وانتقل الى بني ياس، في محاولة لتهدئة الجدال من حوله وبعد عودته التزم الصمت تماما ازاء كل التطورات السياسية لكنه على الاطلاق لم يشارك الشباب في تظاهرات المعارضة ولم يصدر منه اي تصريحات تشير الى موقفه من النظام الحاكم الجائر، ولكنه ظل النجم صاحب الشعبية الجارفة محور الاهتمام، ولم يكن يدرك ان اختفاءه عن الانظار في طوفان الغضب الشعبي يوم 30 يونيو سيتم تفسيره بما يسيء له شخصيا، وهكذا وجد نفسه في مأزق النجومية فكل تصرفاته محسوبة عليه وحتى التزامه الصمت والاختفاء كان مؤشرا ضده وكان عليه ان يدفع ثمن النجومية والشهرة.

أبوتريكة أعرفه شخصيا، دمث الخلق شديد الالتزام بتعاليم الاسلام حريص على الدور الاجتماعي في قريته والدائرة المحيطة به لكنه انزلق دون ان يدري في مسالك السياسة القذرة وتصور ان مهادنة ذلك الفصيل نوع من مساندة الاسلام وبالقطع كان مخطئا، لكن يجب ان يجد المعاونة من الاعلام والجماهير لتساعده على تصحيح تلك المواقف التي أضرت به كنجم رياضة قدوة بكل المقاييس، ولعل ما حدث لهذا اللاعب درس للجميع فالنجومية التزام وموقف، لا يقبل الانزلاق إلى هاوية السياسة المتقلبة.

Email