من بعيد

انذار غامض

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط الاجواء المرتبكة التى تعيشها مصر بجميع قطاعاتها ومن بينها الرياضية وتعليق المباريات التنافسية دون تحديد موعد واضح وتوقف الموارد المالية للاندية وتفاقم الازمات المترتبة على ذلك، تفجرت مشكلة كبيرة بين وزارة الرياضة واللجنة الاوليمبية بسبب تباين المواقف من لائحة الاندية التى اصدرتها الوزارة واقامت الدنيا ولم تقعدها حتى وصل الانذار الغامض من اتحاد اللجان الاولمبية الدولية، ويتضمن تحفظا على اللائحة وطلب تأجيل انتخابات الاندية لمدة ستة اشهر، وبلهجة حازمة تضمن الانذار ضرورة تعديل اللائحة بما يتوافق مع الميثاق الاوليمبي الدولي.

الانذار لم يذكر صراحة أي عقوبات من الوارد ان تتعرض لها الرياضة المصرية لكن رئيس اللجنة الاوليمبية المصرية خالد زين ذكر ان عدم الاستجابة للانذار ستكون عواقبه وخيمة، وتتدرج من تعليق مؤقت للنشاط الى الايقاف، وفي ظني ان الانذار الدولي ربما يكون الاول من نوعه فى تاريخ رقابة اللجنة الاولمبية الدولية على اللجان الوطنية فى مختلف دول العالم، لانه يتعلق بالاندية، والمعروف ان سلطاتها تشمل الاتحادات الرياضية واللجان الوطنية، ولا تمتد الى الاندية التى تختلف اوضاعها الادارية والمالية ومرجعيتها من ناد الى اخر، وهو ما يشير الى تداخل العلاقات الشخصية فى طرح الخلاف المحلي على الساحة الدولية، وهو امر ليس جديدا على اروقة المؤسسات الدولية.

اللائحة مثار الخلاف ضربت فى مقتل طموحات المتشبثين بالمناصب والسلطة داخل الاندية المطالبين بالغاء حظر الثماني سنوات لعضوية مجلس الادارة، رغم انه مبدأ يطبق فى الاتحادات الرياضية منذ عشر سنوات دون اي اعتراض دولي ، ولكن فى الاندية كان الصدام مروعا خاصة الكبيرة التى تملك شعبية قادرة على التأثير الكبير على القرار، وفى تقديري ان وزير الرياضة مسؤول بشكل كبير عن سقوطه امام هذا الانذار، فقد اعتزم منذ توليه المنصب إلغاء الحظر وطرح تصورات لتطبيقها على المناصب وليس الاشخاص حتى يضمن بقاء الطامعين فى السلطة داخل الاندية على طريقة لعبة الكراسي الموسيقية، وكرر الترويج للفكرة اعلاميا حتى بات الجميع متأكدا من التغيير، ولسوء حظه وقع الاعتداء المشين من التراس الزمالك عليه قبل دقائق من الاعلان عن لائحة الاندية المعدلة ، وتطورت الامور وتلقى اوامر من الحكومة بالابقاء على مبدأ تداول السلطات فى الاندية والابقاء على حظر ال8 سنوات.

الخطير فى الازمة ان اللجنة الاوليمبية خاطبت الاندية رسميا بتأجيل انتخاباتها بينما الوزارة تهدد الاندية باجراء الانتخابات فى مواعيدها المحددة من قبل وضربت بالانذار الدولي عرض الحائط ، وتبدو المشكلة انعكاسا لما يحدث فى مصر من انفلات على مختلف المستويات، فالوزير لم يفهم خطورة الانذار الدولي ويتعامل معه باعتباره خلافا قانونيا محدود الاهمية، بينما اللجنة الاوليمبية تقاتل من اجل السيطرة على الزعامة وتستعين بالحصانة الدولية، وما بين هذا وذاك تعيش الرياضة المصرية اسوأ اعوامها فلا دوري منتظم ولا مباريات بحضور جماهيري ولا تسويق وموارد والافلاس يطارد الكبار والصغار.

وفى ظني ان تصوير خطاب الاوليمبية الدولية بالانذار هو الخديعة الكبرى التي لم يكتشفها احد حتى الان.

Email