أهلاً «ألتراس»

ت + ت - الحجم الطبيعي

هاجمت كثيرا مظاهر وسلوك جماعات التشجيع الجديدة المسماة التراس في الرياضة المصرية وكنت مع كثيرين يشاركونني الرأي ننتقد افعالهم وتجاوزاتهم ضد الفرق المنافسة والمشجعين المنافسين قبل الثورة ، وتواصلت انتقاداتنا لهم بعد الثورة لخروجهم عن النص الرياضي ، وتحولهم الى العداء مع اجهزة رسمية في الدولة سواء الشرطة او الجيش أو حتى الاعلام رغم أن الاخير لعب دورا ملتبسا فى انتشارهم ونشر تجاوزاتهم على اوسع نطاق.

ولم يجد الألتراس تعاطفا من اي نوع عقب حادث مباراة الاهلي وكيما اسوان الشهير ومباراة الزمالك مع الأفريقي التونسي واقتحام الملعب فى مشهد لا يتجاوزه خطورة إلا ماحدث فى ستاد بورسعيد ، ويجب ان نتذكر تجاوزات اخرى قام بها ألتراس الاسماعيلي خلال مباراة المقاولون ، والتراس الاتحاد السكندري خلال مباراة وادي دجلة ، وانقلبت المشاعر الى عداء وعدم قبول من جانب الرأي العام ، بسبب اصرار الألتراس على ايقاف النشاط الرياضي حزنا على ضحايا حادث ستاد بورسعيد وماحدث من اعتصام غير مفهوم وبدون مبرر يدخل أسبوعه الثالث فى قلب القاهرة حول مقر البرلمان.

بعيدا عن كل الشعارات والدوافع ومحاولات البحث عن أدوار ، اتصور انه آن الأوان للاعتراف بالوجود الواقعي لجماعات الألتراس فى الخريطة الرياضية المصرية ، وليس بعيدا انهم نجحوا فى تحقيق بعض مطالبهم بواسطة التظاهرات والشعارات ومساجلات الفيسبوك ، ونجاحهم الاكبر تمثل فى اقتناع قيادات الامن بأهميتهم والاستماع لهم ، وفى ظني ان جماعات الألتراس شئنا ام أبينا تحولوا الى طرف مهم فى المعادلة الرياضية ، بكل ما تمثله من روح الشباب المتطلع الى التغيير.

هذا التطور يدفعنا الى التحول من الهجوم والنقد والسخرية منهم ، الى الاستماع لهم وفتح قنوات اتصال شرعية للتواصل معهم والاستفادة من احلامهم وتعظيم الأداء التشجيعي الحضاري الذي قدموه فى المدرجات المصرية قبل الخروج على النص، وهذا الحوار لا يجوز ان تتولاه وزارة الداخلية وحدها ، بل الاندية والجهات الرياضية المسؤولة بهدف احتضان هؤلاء المشجعين الحالمين بمجتمع مثالي خال من القيود والمهانة والممنوعات.

الخيار المطلوب ان نفتح الأبواب للألتراس ونحتضنهم ونغوص فى دنياهم التى يعيشونها ونتعرف على اسرار طاعتهم العمياء لقادتهم ، يجب احترام أفكارهم وبذل جهد من اجل فهمها والتواصل معهم ، لم يعد مجديا وليس صحيحا تجاهلهم وعزلهم عن المجتمع ، وفى تقديري الشخصي ان جماعات الالتراس مؤهلة للقيام بأدوار ايجابية فى إعادة الحياة الى الملاعب وعودة الدفء وإزالة الدماء من مدرجاتها .

 

الشجاعة ليست فى المواجهة العنيفة مع شباب الالتراس بل فى المراجعة ، اقصد مراجعة الافكار والمواقف دون تنازلات.

Email