وداعاً شيخ الشباب.. راشد بن محمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تجول في صدري سُحُب الحزن وبين عينيَّ منذ بلغني الخبر الحزين برحيل المغفور له الشيخ راشد بن محمد، ولم أتوقف عن تقليب شريط الذكريات لحبيب قلوبنا الذي فارقنا، وهو في عزّ شبابهِ وعطائهِ، وهو من هو فروسيةً وشهامةً وكرماً وبطولةً ورجولةً وطيباً منذ سنٍ مبكرةٍ وقد عرفته وهو على نفس حاله يزداد تألقاً ووسامةً.

منذ اليوم الأول الذي التقيت فيه المغفور له الشيخ راشد بن محمد آل مكتوم وهو في صباه، وقلبي متعلّق به أحبّه حبّاً جمّاً وأرى في عينيه طموح العالم بأسره متمثلةً في شخصيته المتعددة، فهو فارس تعوّد على المراكز الأولى، وهو كريم لا يعرف غير العطاء، وذكيٌّ لمّاحٌ حافظٌ للأشعار متذوق للأدب، كان ينشدني القصائد الطوال من حفظه، ورأيته في كلّ مراحل حياته مميزاً أنتظر كل يوم رؤيته وأشتاق إليه ولم يمرّ يومٌ إلا وسألت عنه من كثرة شوقي إلى لقائه، رحمه الله.

لعلّ ابتعاده عن الأضواء منذ مدةٍ جعلت كثيراً من الشباب الصغار لا يعرفون من هو الشيخ راشد بن محمد، ولكني أستطيع أن أختصر لهم صفات فقيدنا الغالي «راشد» بأبيات فخمةٍ قالها فيه والده سيّدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، والذي أسأل الله له الصبر والسلوان والأجر العظيم على صبره على هذا المصاب الجلل في هذه الأيام المباركة، يقول حفظه الله بعد فوز «راشد» رحمه الله، في أحد سباقات القدرة:

زاد الحماس وصدّق العلم «راشد»

                            ومن عادتـه «راشد» يصدّق نبايـــهْ

ع عـادة الفـارس لذي لـه عوايــــــدْ

                               يـومٍ أنـا فسنّــــــــه بــأوّل صبايــهْ

لـو قلت فـي «راشـد» طويل القصايدْ

                            ألقـاه فــي ظنـي وغايـــــة منايــــــــهْ

 

إلى أن قال:

أصـبحت يا «راشـد» علـى النـاس قايــدْ

                      شبيــه جــدّك ما أزيــــــــدك وصــــــــــايهْ

هذه القصيدة تختصر الجواب لكل من يسأل: من هو الشيخ «راشد»؟ وأنا أكتب هذا المقال ودموعي تسيل من حزني عليه، فكل بيتٍ في الإمارات بل في الخليج العربي، فُجع بوفاته وبكاه الناس وبعضهم لا يعرفه، ولكنها محبّة الله التي تنزل في قلوب عباده لمن يحبّه الله، وأسأله تعالى العلي العظيم أن يعوّض شبابه في جنّات عدن، ويغفر له ويكرم نزله ويوسّع مدخله، فقد كان كثير الإحسان للفقراء ويحب مكارم الأخلاق، وله هيبةٌ نادرة بين الشيوخ وطيبة قلب تجبرك على حبّه.

لا يمكنني إخفاء حزني الشديد على «راشد» الذي كنت أرى فيه جزءاً مهماً من مستقبل دبي، وفيه من الصفات الكريمة التي أعرفها فيه، ولكنّ القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنّا على فراق راشد لمحزونون، فهذه هي الأقدار التي كُتبت علينا ولا نستطيع دفعها عنّا، وتبقى لنا الذكريات وحسن الحديث عنّا من بعدنا، وإني في الختام أدعو أيها الأعزاء فأمّنوا معي: اللهم إنا نسألك أن تحفظ سيدي صاحب السمو رئيس دولتنا ونائبه وولي عهده الأمين وإخوتهم أعضاء المجلس الأعلى وأولياء عهودهم بطول الأعمار وحسن الأعمال والتوفيق وسداد الرأي وصلاح الذرية اللهم آمين.

Email