الطائفية والعنصرية أمران مقيتان حرمتهما الشرائع السماوية، وأكدت ذلك الأعراف الدولية، وهذا رسولنا عليه الصلاة والسلام، وهو خاتم النبيين وسيد المرسلين قال لأبي ذر الصحابي الجليل عندما عيّر أحد الصحابة: «إنّك امرؤ فيك جاهلية»، مما يعني أنّ ما نسميها اليوم في العصر الحديث بالعنصرية -ترجمة للمفردة الإنجليزية (Racism)- هي من المفردات الجديدة التي دخلت المعجم العربي، ونعني بها التمييز العرقي، وذلك عندما نعتقد أنّ هناك فرقاً بيننا وبين قومٍ آخرين فيتم من جرّاء هذا الاعتقاد معاملة المنتمين لهذا العرق أو الطائفة بشكلٍ مختلفٍ اجتماعياً أو قانونياً، مما يسبب الإحراج والذلة والحزن والإحساس بالغُبن من بعضهم.
هذا التمييز العنصري هو الذي حرّمه الإسلام منذ بدايته، وهو من أعمال الجاهلية كما جاء في الحديث السابق، ولكنّه أسلوب جاهليّ لم ينته ولم يكفّ عنه بعض المسلمين قليلي الإيمان، وكذلك نجده عند القوميات الأخرى وعلى أساسه قامت النازية مثلاً في أوروبا والدولة اليهودية في فلسطين، وهناك دول أخرى قامت على طائفية مذهبية قبيحة جداً لا تحسب لمن يخالفها حساباً ولا تعترف به ولا تحسن إليه، بل تذيقه أنواع الهوان والعذاب لكي ترغمه على أن يترك مذهبه وينضمُّ إليهم.
ونحمدالله على نعمة الإسلام ونعمة العروبة، ثم هناك نعمة عظيمة أيضاً بأننا نعيش في دولة الإمارات العربية المتحدة تحت ظلّ قيادة رشيدة كريمة عادلة لا تفرق بين الناس، وتحسن لمواطينها وتكرم ضيوفها المقيمين على أرضها، وهذا لا يختلف عليه اثنان وهم لعمري كما قال الشاعر مطرود بن كعب الخزاعي الذي مدح بني عبد مناف القرشيين بقوله:
يا أيها الرجل المحوّل رحلهُ هلا نزلتَ بآل عبد منافِ
هبلتك أمكَ لو حللت بدارهمْ ضمنوكَ من جرمٍ ومن إقرافِ
الخالطينَ غنيّهم بفقيرهمْ حتى يعودَ فقيرهم كالكافي
والمنعمين إذا النجوم تغيّرتْ والظاعنين لرحلةِ الإيلافِ
والمطعمينَ إذا الرياحُ تناوحتْ حتى تغيبَ الشمسُ في الرجّافِ
والمفضلين إذا المحول ترادفتْ والقائلين هلمّ للأضيافِ
لعلّ هذه الأبيات وصف قريبٌ جداً لحكومتنا الكريمة، وإنّي دائم الإنشاد لهذه القصيدة فهي أبلغ ما قيل في المساواة بين الناس وعدم التمييز والعطف على الفقير حتى يصبح غنياً بسبب هذه العدالة الاجتماعية.هذا وإن قلتُ هذا فإنّ هناك بعض ضعاف النفوس الذين يوالون غير حكومتهم ويقدمون المذهب الديني وحزبهم الفكري على الولاء لعَلَم الدولة وحكّامها، وهؤلاء لا مكان لهم بيننا وليس لهم إلا القضاء بتهمة الخيانة الكبرى، لأنّ الدولة قامت على أسس الحق والقانون لا تقبل أبداً بازدواجية الولاء، ولا أي دولة في العالم ستقبل بمن يقدّم ولاء طائفته ومذهبه على إخلاصه وتفانيه لخدمة وطنه، وإنّ المحن والأزمات التي نعيشها اليوم من مثل أزمة اليمن ومواقف بعض الطوائف من (عاصفة الحزم) الرافضة لها، لتبيّن لنا ازدواجية الولاء لبعض من لا ولاء لهم، وسوف تقوم الأجهزة المعنية والأعين الساهرة بمتابعة هؤلاء حتى يأخذوا الجزاء العادل.