في الصيف ضيعتِ اللبن يا علي صالح

ت + ت - الحجم الطبيعي

أضحكتني الأخبار القادمة من بلاد اليمن، التي لم أتأكد من صحتها حتى الآن، ولكن بعض المواقع الإخبارية أذاعتها بعد تأكيدها، وهي أن الرئيس المخلوع علي صالح طلب من قوات التحالف العربي أن يسمحوا له بالخروج الآمن من اليمن هو وأهله، بعد قرار مجلس الأمن الأخير الذي وضعه وابنه أحمد وحليفه الحوثي تحت الفصل السابع، الذي يعني أن لا مناص له إلا القتال حتى الموت أو تسليم نفسه للمحكمة الدولية لتحاكمهم على جرائمهم ضد اليمن وأهله وجيرانه والأمة العربية عندما باعوا عروبتهم لقوى الشر المخادعة، ومن أجل أطماع زائلة في البقاء على كرسيّ الحكم.

ولكنّ الحلم الآن انتهى، وعليهم أن يُلقوا أسلحتهم ويسلموا أنفسهم للعدالة الدولية، بعد أن كانوا في غنى عن كل هذا فأبوا إلا لغة السيف وغرهم كرم قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربي سابقاً في المبادرة الخليجية، وليواجهوا عاقبة الطغيان والعبث بأمن اليمن السعيد، الذي تحول بخداعهم وإجرامهم إلى يمن تعيس حزين، ونقول لصالح وأذنابه: لا تطلبوا الأمان لأنكم «في الصيف ضيعتِ اللبن» كما قالت العرب قديماً ولتبكوا على ما جنيتم على أنفسكم وعلى الجيش اليمني، وشعب اليمن الشقيق.

ولعل من المناسب هنا أن أذكر قصة هذا المثل ولماذا يصر علماء اللغة أن يُروى هكذا (ضيعتِ) بالتأنيث، وإن كان المخاطب ذكراً، يقول أبو الفضل أحمد بن محمد الميداني(ت:518 هـ) في كتابه «مجمع الأمثال»، الذي جمع فيه أكثر من ستة آلاف مثل من أمثال العرب الأوائل والمولدي.

، يقول: «في الصيف ضيعتِ اللبن، ويروى: الصيفَ ضيعتِ اللبن، والتاء من ضيعت مكسورة في كل حال إذا خُوطب به المذكر والمؤنث والاثنان والجمع، لأن المثل في الأصل خوطبت به امرأة، وهي دختنوس بنت لقيط بن زرارة (التميمي)، كانت تزوجت عمرو ابن عمرو بن عدس التميمي، وكان شيخاً كبيراً ففركته(كرهته) فطلقها، ثم تزوجها فتى جميل الوجه، وأجدبت( أصاب أنعامها القحط) فبعثت إلى عمرو تطلب منه حلوبة (ناقة تحلب أو شاة).

فقال عمرو: في الصيف ضيّعتِ اللبن، فلما رجع الرسول وقال لها ما قال عمرو ضربت يدها على منكب زوجها، وقالت: هذا ومَذقة خير(المَذقة قليل من اللبن ممزوج بالماء)، تعني أن هذا الزوج مع عدم اللبن خير من عمرو.

فذهبت كلمتاهما مثلاً، فالأول يضرب لمن يطلب شيئاً قد فوّته على نفسه، والثاني يضرب لمن قنع باليسير إذا لم يجد الخطير(الكثير)، وإنما خص الصيف لأن سؤالها الطلاق كان في الصيف، أو أن الرجل إذا لم يطرق(وقت التزاوج) ماشيته في الصيف كان مضيّعاً لألبانها عند الحاجة».

قلتُ وقد قالت أيضاً إحدى الشاعرات عندما أراد طليقها العودة إليها فأنشدت:

أتركتني حتى إذا

عُلّقتُ أبيضَ كالشطنْ

أنشأتَ تطلبُ وصلنا

في الصيف ضيعتِ اللبنْ

 

ونقول نحن أيضاً: نعم أيها الحوثيُّ ويا صالح في الصيف ضيعتِ اللبن، أنتم وكل من تجمع معكم من أذنابكم وأذناب قوى الظلام الخارجية، التي ساعدتكم على اللعب بمقدرات ومكتسبات بلاد اليمن فصار من بعدكم خراباً يعج بالفوضى والطائفية والانقسامات الخطرة بين الشعب الواحد وصيرتم مؤسسات الدولة وإعلامها وقيادييها تحت رحمة عقول لا تعرف منطقاً ولا تفهم معقولاً إلا منطق عاصفة الحزم السلمانية، التي ستقتلع جذور فتنتكم إلى الأبد، وتؤسس يمناً جديداً ينعم بالاستقرار والازدهار بحول الله وقوته.

Email