ثورة الهادي في اليمن على الدولة الزيادية 2 - 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

 في هذه الأثناء مجلس الأمن الدولي في اجتماعات مستمرة يحاول صياغة قرار أممي ضد الحوثيين، ووزراء مجلس التعاون أيضاً يدرسون الخيارات المطروحة أمامهم بشأن التطورات الأخيرة في اليمن الحزين، أما الدول الكبرى فقد سحبت جميع بعثاتها الدبلوماسية، في حين يقوم الحوثي بالاستيلاء على ما يستطيع من ثروات اليمن ويحكم قبضته على مفاصل الدولة من غير مقاومة تُذكر، وكأنّ كل هذه المظاهرات التي يقودها الشباب لا تؤثر فيه، ما يدل على أنّ هناك توافقاً قبليّاً مذهبياً قد تم الاتفاق عليه منذ مدة، ما يشير إلى أنّ المالك الجديد لليمن هو أفضل الموجود، ليس بسبب جيوشه فحسب بل لسخائه وانصياع الزعماء له، فهل هذا ما تريده القوى الكبرى من اليمن؟! وهو رجوع الشخص القوي الذي يضمن لهم وضع السعودية بين فكي طائفة واحدة مذهبية، من العراق حتى اليمن تغذيها إيران؟!

ونتساءل، ما فائدة هذا العمل الشرير للدول هذه؟ أم هو فقط محاولة للضغط على السعودية من كل جانب حتى تتم السيطرة على منابع النفط بطرقٍ مشؤومة؟! لا أعلم ولكن الأمر في اليمن أصبح خطيراً جداً، بل على وشك الانفجار، وسوف يؤذي كثيراً ويؤلم جميع جيرانه إذا لم يتمّ احتواء الأزمة بأقصى سرعة.

اليمن في العهد العباسي

بعد أن انتقلت الخلافة إلى العباسيين دخلت معظم مناطق الخلافة الأموية تحت نفوذهم، ومنها بلاد اليمن، وكان الخليفة يعيّن الولاة عليها، وقد جُعلت صنعاء حاضرة اليمن وهي بمثابة العاصمة كما نراها اليوم، ولكنّ اليمن كالعادة لم تكن مستقرة ومن اضطرابٍ إلى اضطراب، وفي زمن المأمون بدأ النفوذ الشيعي يزداد بشدة، ما جعله يولي محمد بن إبراهيم الزيادي اليمن سنة (203هـ)، وبعد عام من هذا التاريخ بدأ الزيادي في بناء مدينة جديدة لها وهي مدينة (زبيد)، وقد نجح في بسط نفوذه على جميع أرجاء اليمن حتى استقل بملكها، ولكنه أبقى الدعاء في الخطبة للخليفة العباسي.

الدولة الزيادية

بعد أن جعل الزيادي الملك في ذريته ودانت له اليمن، حكم من بعده ابنه إبراهيم في سنة (245هـ)، ثم تولى من بعده زياد، ثم من بعده ابنه أبو الجيش إسحاق الذي عُمّر طويلاً وبدأ في عهده ضعف الدولة الزيادية، فثار في (صنعاء) رجل يدعى أسد أو إبراهيم بن يعفر، وثار في (صعدة) يحيى بن القاسم الرسي الملقب بالهادي، وأصبحت اليمن كلها في مهب الريح كما نراها اليوم.

ثورة الهادي الرسّي

يقول بن خلدون في تاريخه عن هذا الهادي: »أول من خرج بصعدة يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي، دعا لنفسه فيها وتسمى بالهادي وبويع له بها سنة (288هـ) في حياة أبيه الحسين، وجمع الجموع من شيعتهم وغيرها وحارب إبراهيم بن يعفر. وكان بن يعفر السادس من أعقاب التبابعة لصنعاء، فغلبه على صنعاء ونجران فملكها وضرب السكة، ثم انتزعها بنو يعفر منه، ورجع إلى صعدة وتوفي سنة (298هـ) لعشر سنين من ولايته».

عندما هُزم الرسي في صنعاء عاد إلى صعدة مدينته وأسس فيها ملكه وملك أحفاده من بعده، ومن شعره:

بني حسنٍ إِني نهضت بثأركــــــم          وثأر كتــــابِ اللهَ والحــــــقِّ والسنــــــن   

وصيّرت نفسي للحوادث عرضةً         وغبت عن الإخوان والأهلِ والوطــــــن

    

وهكذا أصبحت اليمن بعد هذا التاريخ ثلاث دول: دولة بن يعفر في صنعاء، والدولة الشيعية الزيدية للرسيين في صعدة، ودولة الزياديين في زبيد. فهل يعيد التاريخ نفسه ثانية إلى اليمن فيهزم الحوثي مثل هزيمة الهادي، ليقوم بتأسيس ملك لنفسه فيها ويقسمها كما حصل في الماضي إلى دويلات؟ وهل في مصلحة اليمنيين والعرب تقسيم اليمن الحزين أم هو شؤم عليهم؟! سؤال ستجيب عنه الأيام المقبلة.

Email