من الناس ذكيٌّ يفهم بالإشارة ومنهم من يحتاج إلى التصريح والكلام المباشر ومنهم من لا يفهم التصريح ولا التلويح لأنه يعيش في غباوته كما يفعل المتأخونون في الخليج العربيِّ.

وهم على ما يتبجّحون به ويفتخرون بأنّهم أهل تنظيمٍ وعلمٍ ودرايةٍ ولكنّ الأحداث الأخيرة أثبتت أنهم عارون تماماً عن كلّ هذا، كما ذكر الدكتور السيد عبدالستار المليجي، وهو من كبار قادة الإخوان سابقاً عندما ألقى كلمةً في الإمارات فقال لمعالي الفريق ضاحي خلفان: إنّ الإخوان لا يعرفون السياسة ولا الاقتصاد ولا الدين.

فقال ضاحي: علمنا أنهم لا يعرفون السياسة والاقتصاد فكيف لا يعرفون الدين وهم يدّعون أنهم متديّنون؟! فقال المليجي: لقد أرسلنا لكم من جماعتنا وعن طريق نفوذنا في المؤسسات التعليمية المصرية طيلة هذه السنوات الماضية معلمين للدين إخواناً، وهم لا يعرفون من العلم إلا اسمه جهّالاً ينفّذون فقط الخطط المرسومة لهم وأنتم لا تشعرون.

هذا ما عناه سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، في قصيدته التاريخية «هامة المجد» وهي الرسالة الثانية في هذه القصيدة التي يوجّهها ولكن لزعماء الإخوان ليعرفوا أنهم مكشوفون لدى الحكّام، وكذلك لينبّه الناس والمتدينين الصادقين بأن لا ينخدعوا بمثل هؤلاء فقال:

ونقول لأهل الجهاله حاضر بحاضرْ

ومن دقّ راسه بصخرة مدمعه سالي

وبلا بصيره وبصَر ما يهتدي الناظرْ

والشمس ما تنحجب قالوا بغربالِ

يا الغافل انته تظن بلعبك تناورْ

وانك على الناس بالإسلام تحتالِ

الاسلام دين الكرامه منهجه سافرْ

لوحدة الصف يدعي بكل لاشكالِ

وما كل شيٍّ ترى للعب يا شاطرْ

وما كل عشب ينرعى ان كنت حلاّلِ

ثم بيّن حكم أمثال هؤلاء عند القضاء العادل في كلّ من تسوّل له نفسه أن يتاجر بدين الله ليقضي مطامعه الدنيوية من غير خوفٍ من الله الجبّار المنتقم، وهي الرسالة الثالثة والتي على جميع المتأخونين أن يعوها جيداً ويعيدوا حسابتهم وليرجعوا إلى وطنيتهم الخليجية قبل فوات الأوان وليخلعوا ثياب السجون التي لبسوها صغارها من معلميهم الإخوان الجهّال، فقال رعاه الله:

وفي الشرع حكمٍ لمثلك وانته به خابرْ

ونعذر مثلك ومهما تقول ما نبالي

من روس لاخوان لي تفكيرهم بايرْ

تخدع بمنهجك ضلالٍ وجهّالِ

ولكني أشك أن يفهم هؤلاء الذين أعماهم الله عن الحقّ من المتأخونين الذين اتبعوا الباطل والحزبية من أبناء مجلس التعاون الخليجي، الرسائلَ التي أرسلتها لهم المملكة العربية السعودية أولاً بوضع جماعة الإخوان المسلمين على لائحة الإرهاب ثم قامت دولة الإمارات بنفس الإجراء.

وبدلاً من اختفائهم وتفرقهم والابتعاد عن هذه الجماعة الإرهابية يخرج علينا بعض منتسبيهم ليتهم الشيوخ الكرام الذين تكفيهم مواقفهم البطولية مع الأمة العربية والإسلامية في أشد الأزمات، فكيف إذا عددنا محاسنهم ومكارمهم وأخلاقهم وحسن سياستهم ورفقهم بشعبهم .

مثل سيدي الفريق أول سمو الشيخ الكريم محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، الذي خصه سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بهذه الملحمة الشعرية ليعرف الناس قدر هذا القائد الفذّ وليُخلّد في قصيدةٍ من قصائد التاريخ وليرسل منها الرسائل الكبيرة لأهل الألباب وأصحاب العقول والخبرة، فقال مادحاً له ذاكراً صفاته التي عرفها فيه منذ صغره وبدأ ذلك بصيغة تهويلٍ وتعظيمٍ لما صنعوا ليعلم القاصي والداني من هو الشيخ محمد بن زايد، يقول:

فيمن تعدّيت يا ويلك من تبادرْ

هذا «محمد» ذرانا عند لاهوالِ

يقول: كيف يتعدى من باع وطنه من أجل أقوامٍ لا يمتون لهم بصلةٍ غير الحزبية المقيتة على شيخٍ كريمٍ صان وطنه ووقف مع أشقائه في محنتهم، وهو:

شيخ الشيوخ الحشيم الطيّب النادرْ

سبع السباع المهيب المر والحالي

من غاب «زايد» محمد زايد الحاضر

في كل شيٍ شبيهه بأول وتالي

وهذا من أبلغ المدح وأفخمه وهي شهادة عظيمة تاريخية من الشيخ محمد بن راشد لأخيه الشيخ محمد بن زايد بأنّ الشيخ محمد هو زايد الحاضر الذي يشبهه في كل شيء، ثم تابع وصفه له فقال:

راس الكرم والعجيد القايد النّاصرْ

ساس الشرف عن وصوف الجود ما حالِ

يمناه للارض فيض الصيّب الماطرْ

ويسراه للحفظ فعل الصاين الوالي

بدأ بذكر جوده الذي لا ينكره إلا الحاقدون فهو كريم من ذريةٍ كريمة ثم ذكره بالقيادة الرشيدة وأنّ حليفه النصر دائماً في أعماله ثم أكّد بوصف يمينه التي هي الخير للشعب مثل المطر الهتّان للأرض أما شماله فهي تحفظ البلاد وتصون أمنها؛ لأنه:

صقر الجزيره الجسور الفايز الظافرْ

و(هامة المجد) للصعبات حلاّلِ

هذا وللمقال بقية.