اللغة العربية من سيبويه إلى العربيزي (3)

ت + ت - الحجم الطبيعي

غربة اللغة العربية بين أهلها لا تخفى على كل متأملٍ في الأحوال والأحداث التي تدور حولنا، من تعليمٍ وتجارةٍ وأعمالٍ حكوميةٍ ومطاعمَ وملاهٍ، حتى بين أفراد الأسرة العربية الواحدة المغرقة في العروبة نجد العجب العجاب، فالوالد يحثُّ أبناءه وبناته على اللغات الأجنبية، ويحدّثهم بها وهو يشعر بالفخر والزهو ..

اللغة هي الرابط الأسمى بين المجتمع الواحد وإن اختلفت أعراقهم؛ فمن لغته غير لغتك فإنه لا يمتُّ إليك بصلةٍ ولا يشعر بك.. كذلك من ينصرف عن لغته الأم فهذا له نفسية قد أصيبت في صميمها، وشخصية أصبحت ضعيفة مهزوزة لا تصلح وقت الأزمات، لأن سقوط مكانة لغته القومية من مكانها الطبيعي في نفسه، يؤدي إلى سقوط كل المسلّمات والفطرة الصحيحة ، ولهذا يصحُّ أن يقال إن اللغة لا تمثل نصف الولاء للمجتمع فقط، بل قد تمثل الولاء كله لو كان قومي يعلمون.

إذا كانت المناهج الدراسية تلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في تشكيل الهوية الوطنية، فإن اللغة هي قلب الهوية الوطنية وروح الأمة،هي الإطار الذي يتم من خلاله الانتماء والولاء للدولة والأمة. لذلك فإن كل الدول تحرص بقوة على تجنيد كل الوسائل للحفاظ على لغتها الوطنية من أي تأثيرات ضارة، والدفاع عنها في مواجهة تأثير اللغات الأخرى.

فلنكثف الجهود يا أبناء اللغة العربية وحماة الفصحى والقوامين عليها، ولنستحضر عراقة اللغة العربية من الماضي الحيّ، زمن سيبويه ومن قبله الخليل الفراهيدي والكثير من أبناء الإسلام من أعراق شتى، الذين حملوا راية العربية عبر القرون، ولنجعله واقعاً ملموساً يطمس حاضر «العربيزي» تعزيزاً لمستقبلٍ أفضلَ وغدٍ منشودٍ.

Email