الإخوان.. المتاجرون بآلام أطفال غزة 2-2

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم أكن أعرف الأسباب الحقيقية وراء فصل »غزة« عن الدولة الفلسطينية الأم بعد وفاة الشيخ أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات رمز النضال الفلسطيني، رحمهم الله، ولم أكن أيضاً أفكّر في ذلك الوقت بأية سلبيةٍ تجاه أحدٍ من الفِرَق المقاومة للاحتلال الموجودة في أرض فلسطين، ولكني بتتبع الأحداث وجدتُ أنّ الأمر كلّه قد دُبّر بليلٍ، وأنّ وراء الأكمة ما وراءها، وقد فهمتُ كثيراً من الألغاز وفككت »شيفرتها« وعلمتُ بأنّ المكر الصهيوني ومن يعينهم من أذنابهم قد تغلغل في كل أنحاء البلاد المنكوبة باليهود وشراء الذمم وتآمر أهل المصالح على هؤلاء الفقراء المساكين، وهناك من جعل من القضية كلها سلّماً لتحقيق مآربه والوصول إلى أهدافه، ولو مشى على جماجم من لا حول له ولا قوة من الضعاف أو الشباب المغرر بهم، والذين يتم توجيههم للموت وهم في ريعان الشباب بلا فائدةٍ ترجى من كل ما يصنعونه في هذا الوقت الصعب، لأنّ العدو لا يزداد إلا طغياناً وكفراً، والمتأخونون لا يزدادون إلا جهلاً وسفهاً ومزايدةً على العرب والمسلمين في حبّ فلسطين، وهم كَذَبة دجّالون.

في مايو من عام 2003 هددت إسرائيل بقتل ياسين والرنتيسي وعرفات، فقال إسماعيل هنية مدير مكتب الشيخ ياسين آنذاك بكل ثقةٍ من نفسه وعدم مبالاة: »إنّ الشيخ ياسين الذي أمضى ثماني سنوات في السجون الصهيونية وخرج ليكون رمزاً للحركة في فلسطين وللشعب الفلسطيني، هو أكبر من أن تهزه هذه التصريحات«، فماذا حصل بعد عام في عام 2004؟ قام شارون باغتيال الشيخ أحمد ياسين، وكان هنية معه ولم يُصب بأذى، فلم يتقدم هنية على القائد الثاني عبدالعزيز الرنتيسي فقاد الحركة حتى قتل في الشهر نفسه، وهما من كبار قادة حماس ومن مؤسيسها ولهما الطاعة الكاملة في حماس، فخلا الجو لشاب من مواليد 1963 وهو إسماعيل هنية نفسه، ثم يقوم شارون في نوفمبر من العام نفسه باغتيال الزعيم ياسر عرفات، فتم التخلص من قوم لا يمكن معهم أن تقسّم فلسطين أو تقسّم المقاومة!

هل اكتفى شارون بهذه الاغتيالات؟ لا، بل انسحب من قطاع »غزة« بأسره وفكك المستوطنات في 2005 لتبدأ غزة عهداً مأساوياً جديداً، لأنّ اليهود يهيؤون الأرضية الكاملة لهنية ومن يعاونه من الإخوان للفوز في الانتخابات الفلسطينية، وفاز بها في 2006 ولم تتحمل الأوساط الفلسطينية حكم حماس لأمورٍ كثيرة لا يمكنني شرحها هنا، فقام رئيس السلطة محمود عباس بإقالة حكومة حماس، فسارعت الحركة بفصل غزة عن حركة فتح، وطردت كبار مسؤوليها في القطاع، فتم للصهاينة ما تمنّوا، وقد نجحوا في تفريق الوحدة الفلسطينية وعزل غزة، فتوالت النكبات والغارات الإسرائيلية على القطاع، وكل غارة تخلف أعداداً هائلة من القتلى والجرحى ودماراً شاملا لغزة المنكوبة.

منذ ذلك الوقت أصبحت »غزة« ملعباً كبيراً للمتأخونين ومن يعاونهم من الدول التي تدعمهم من مثل تركيا وغيرها، الذين يستخدمون غزة للضغط على الجمهورية المصرية وإحراج المملكة السعودية كلما أرادوا ذلك، ولا يبالون بآلام الأطفال ولا أنات الثكالى، فهناك جماعة عجيبة تحكم القطاع مغرر بشبابها، وهناك دول لها أهداف أكبر من مساعدة أهلنا في فلسطين، وهناك دول تريد إعانة الفلسطينيين وردم الفجوة بين فتح وحماس وتأمين »غزة« من شرور الصهاينة، بمثل مبادرة مصر التي رفضتها حماس بتحريض من الجماعات الإخوانية الخارجية، لكي تحرج حكومة السيسي عدوتها، ولو كان ذلك على دمار غزة.

Email