تاريخ الطبري.. ومدرسة المشاغبين!1-3

ت + ت - الحجم الطبيعي

 من أعجب الأمور في هذا الوقت الذي لم أجد له مثيلاً في القرون الماضية هو تجرؤ من لا علاقة له بالعلم على الإفتاء في شرع الله والحديث عن تاريخ الإسلام، والطعن في رموز الإسلام من كبار الصحابة، والخلفاء، وأئمة الإسلام والعلماء السابقين، وهو في الوقت نفسه لا يميّز بين حرفي الزاء والذال، والصاد والسين، ولا يعلم الفرق بين الكتب الجامعة لكل أنواع الروايات، وبين الكتب التي تتحرى الروايات الصحيحة، لأنّه لا علاقة له بالتحقيق، ولا بالبحث عن صحة الأسانيد لبعده عن علم مصطلح الحديث، الذي يفرق بين الأسانيد الضعيفة، والصحيحة، وبين الرواة الثقات، والمدلسين والمتروكين، ولا يعرف أيضاً مفهوم الأحاديث وخصوصها وعمومها، وتراه مع هذا كله يتخذ برنامجاً في إحدى القنوات، ليعيد بشكل همجيٍّ، وبكل قلة علمٍ وحماقةٍ أحداثاً مضت، منذ أربعة عشر قرناً عصم الله منها سيوفنا، ويستشهد بروايات شنيعةٍ قد بيّن العلماء كذبها، بسبب رواتها المتروكين الكذابين، وذكروا صحيحها وسقيمها، وما يصح الاستشهاد بها، وما لا يصح.

 إنّ تاريخ الطبري للإمام المحدث المؤرخ، والمفسر الكبيرأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (224-310) هـ، رحمه الله، من أكبر وأقدم مجاميع كتب التاريخ الإسلامي، وقد حوى كل الروايات التي جمعها في حياته، وانتهى بها إلى سنة (302هـ) أي قبل وفاته بثمانية أعوام، وقد بيّن هو وبيّن العلماء من بعده أن كتابه كله مرويٌّ بالأسانيد، وعلى العلماء أن يميّزوا بين الصحيح فيه والموضوع المكذوب عن طريق دراسة الأسانيد الموجودة. وللمقالة بقية.

Email