كيف نؤلف معجماً لرمستنا 2-2

ت + ت - الحجم الطبيعي

المعاجم صلتها بالعرب قديمة جدا، فمنذ العصور الإسلامية الأولى والعلماء يجمعون المفردات ويجعلونها في مصنفات قمةٍ في التأليف والتحقيق والترتيب، ولم تحظ أي لغةٍ في العالم حينئذٍ بما حظيت به لغتنا الخالدة اللغة العربية، ولكنها جُمعت أولاً من أفواه العرب قبل جمعها في مؤلفاتٍ متنوعة وكل مؤلفٍ منها يمتاز بشكله الفريد، وأولُّ من صنّف في المعاجم اللغوية فيما أعلم، هو العالم الشهير الخليل بن أحمد الفراهيدي (100-170هـ) في معجمه المسمى »العين«، وتبعه العلماء بتصانيف جليلة معجمية من أمثال ابن دريد (223-321هـ)، ومعجمه الكبير »الجمهرة« غنيٌّ عن التعريف.

وكما ذكرت لكم لم يكن أحد من علماء اللغة يهتم بالعامية إلا المفردة التي أطلقوا عليها اسم »مولدة«، ويعنون بها أنّ العرب لم تستخدمها بهذا المعنى وإن كان أصلها موجوداً لديهم، وإنما قام باستخدامها الكتّاب بعد عصر الفصاحة، ولهذا ميزوها عن الموروث العربي الأصيل بوصفها »مولدة«، ويسمونها أيضا مستحدثة أو عامية كقولهم في تلك العصور حتى اليوم: »هذا مجانس لهذا«، فمجانس لم يعرفه العرب وإنما ولّده المولّدون من بعدهم من مفردة »جنس«، وغيرها كثير جدا نجده في كلام العامة الذي حفظته المعاجم تحت باب »المولّد«.

بعد هذه المقدمة نعود إلى أصل الحديث عن تأليف المعجم الجامع لرمستنا (لهجتنا) قبل ضياعها إلى الأبد، وقد يسأل سائلٌ ماذا بعد تشكيل لجنة من المتخصصين لجمع اللهجة وشرحها وضبط نطقها وذكر جميع مشتقاتها الأصيلة وأماكن استخدامها؟ والجواب في الفقرة التالية:

ثانياً: تقسيم فرق العمل

بعد الانتهاء من حصر كل ما يمكن حصره من مفردات وأشعار وأمثال، ويتم أيضا تصوير كل ما يمكن تصويره من معاني الأسماء كالحيوانات وما يتعلق بها والأشجار والنباتات والبحر، وهكذا عن طريق الصور الفوتوغرافية والفيديو، تبدأ المرحلة الثانية وهي تقسيم العمل بين المشاركين كل حسب تخصصه:

- يخصص فريق لتفريغ النصوص وربطها، والذي سيجعل لكل مفردة روابط في الشرح من الشعر والأمثال والصور والفيديو، حتى تجهز للكتابة والتحميل على الشبكة الداخلية للمعجم.

- يشكل فريق تقني يقوم بإيجاد برامج رقمية لتحميل جميع المواد وروابطها على الشبكة الداخلية لتأليف المعجم، حتى يسهل البحث عن المفردة وكل ما يتعلق بها من مواد وصور.

- البدء بوضع خطة متكاملة لشكل المعجم ليكون سهلا للباحثين وسريعا في الوصول إلى المعلومة، وذلك بمراعاة جذر الكلمة العامية ووضعها عدة مرات بألفاظ متعددة حسب نطقها.

- الاستعانة بعلماء خبراء في كتابة المعاجم من العرب والغربيين ليتم جمع المواد وتأليفها بشكل عصري، جامعة للضبط والمسميات وأصلها في الفصحى وكيفية استخدامها مع تعزيزها بالصور، هذا في المطبوع أما على شبكة الإنترنت فيمكن وضع الوسائط المتعددة كالصوت والفيديو والروابط المتداخلة معها.

- نشر المعجم على شبكة الانترنت حتى يستطيع الجيل الجديد الاستفادة منه من خلال أجهزة الهواتف الذكية أو الحواسيب في أي وقتٍ وأي مكانٍ، بطريقة سهلةٍ توصله إلى المعلومة من غير أن يقع في حِيصٍ بيص كما نشاهده في كثير من المعاجم.

ثالثاً: إنشاء مؤسسة

هذا العمل لن ينجح ولن يرى النور إذا لم تؤسس له مؤسسة لها ميزانيتها، لترعاه وتنمّيه حتى ينجح وتقوم بنشره والترويج له وتطويره وتصحيح أخطائه والزيادة فيه.

Email