هل الأفغاني والبنا عملاء للماسونية؟! 1-3

ت + ت - الحجم الطبيعي

يخرج في كل عصرٍ أناسٌ لا تُعرف لهم هُويّة ولا يمكن الوصول إلى أسرارهم ومخابئ أفكارهم وخططهم فينفّذون (أجندتهم) بكل مهارةٍ واقتدارٍ وتعينهم قوىً خفيّة لا يمكن للعامة أن تراها وكذلك الحكومات في كلِّ صُقعٍ، تحتاج إلى وقتٍ طويلٍ حتى تجمع خيوط المؤامرة وقد لا تصل إلى فهمها إذا كانت معقدةً أو تمّ التخلّص من أركانها بكل ذكاء..

وكلُّ منْ أُولع مثلي بقراءة ألغاز "محمود سالم" ـ رحمه الله ـ في صغره ثم أحب الروايات البوليسية العالمية فإنّه لا محالة ستكون نسبة الشك عنده عاليةً جداً في الأخبار والأحداث التي تمر بين يديه، بل تراه لا يصدّق الصورة التي أمامه حتى يراها من جهاتها وهو داء عياء (لا يعالج) عند بعضهم، أما عندي فإنّي أعدّه نعمةً فقد جعلني أبحث عن كل شيء وأحقق في كل معلومةٍ أسمعها على قدر طاقتي وحسب ما يمكن للإنسان أن يصل إليه..وقد كان المصلح المزعوم جمال الدين الأفغاني (1838-1897م) ممن دخل في دائرة الشك عندي منذ فترةٍ بعيدةٍ، فبحثتُ عنه حتى عرفتُ حقيقته ودرست أقواله وأفعاله فوصلتُ إلى أمورٍ خطيرةٍ ربطها بما حصل بعد ذلك في تاريخنا الحديث والناس (عربنا) كانوا كعادتهم في غفلةٍ عمّا يُمكر بهم، وكأنّ التاريخ يعيد نفسه مرّاتٍ ولا نفهم الدرس ولا نستفيد شيئاً من كلِّ الضربات القاصمة التي تلقتها أمّتنا على مرّ ثمانية قرونٍ متتالية!.

أول مرةٍ أسمع بها باسم جمال الدين الأفغاني كان في محاضرةٍ في جمعية الإصلاح بدبي عندما كان يديرها التنظيم العالمي للخُوان المتأسلمين وكنّا مفتونين بها وبنشاطاتها ونثق في كلِّ قولٍ يقولونه بسبب جهلنا وصغر أعمارنا، وقد وقع اسمه في قلبي موقعاً جميلاً وجليلاً لأنّه يشابه اسمي وعرفت في نفس المحاضرة أنّه شيخ محمد عبده (1849-1905م) وقد سماهما (مصلحين)!!، وأضع خطين على هذه التسمية لأنّها مهمة لمعرفة منزلة الأفغاني عند الجماعة (المتأخونين).

لقد مرّت الأيام وكبرتُ وانفصلتُ عن هذه الجماعة لأني اكتشفت أنّهم جهّال لا يحبون العلم ولا أهله ويبغضون كل من يتكلم في العلوم الشرعية بل همهم وديدنهم السياسة والأناشيد والمسرحيات ويتباكون على الخلافة ويطمعون في تغيير الحكومات والتغلّب على العروش بكل وسيلةٍ، فالغاية لديهم تبرر الوسيلة، ولهذا راجت لديهم أقوال الأفغاني ومحمد عبده، بل كان مؤسس الجماعة حسن البنّا الساعاتي (1906-1949م) كان يعدّهما رمزين له في دعوته، وكذلك كلُّ من جاء من بعده يحملون نفس التبعية لهما بطريقةٍ مريبةٍ وعجيبةٍ خاصة إذا علمنا أنّهما ممن دخل في الماسونية زمناً وعلمنا أيضاً أنّ مجموعة من كبار أتباع البنّا من الماسونيين!، وهنا لا بدّ لكاتب التاريخ من أصحاب (المذهب التشكيكي) مثلي أن يحقّق في هذا الأمر ويختبر كل معلومةٍ ويبحث عن أسبابها حتى يصل إلى نتيجةٍ تشفي غليله (عطشه).

سنتكلم عن (الماسونية) أولاً ثم عن "الأفغاني" ونكشف بعض الحقائق ثم ننتقل إلى "حسن البنّا" ولماذا ارتبط بهما؟ ثم نذكر أهم رموز الإخوان الذين يجمعون بين الروح الأفغانية والعمل الماسوني الخطير، ولهذا لا تذهبوا بعيداً أيها الأعزاء فإنّ الموضوع كما قال عنه الشاعر الجاهلي "طرفة بن العبد":

 

ستبدي لك الأيامُ ما كنتَ جاهلاً

ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزودِ

ويأتيكَ بالأخبار من لم تبعْ له

بتاتاً ولم تضربْ له وقتَ موعدِ

 

وللمقالة بقية..

Email