أخبرني أحد السفراء الأفاضل بأنه كان مدعواً إلى إحدى الجلسات العلمية خلال شهر رمضان المبارك، في حضرة الملك الحسن الثاني عاهل المملكة المغربية رحمه الله، وكان من مراسم هذه الجلسات أن يكون أول الحديث للملك ثم يُطلب من الضيوف العلماء والدعاة أن يتحدثوا.
وقد رأى صديقي هذا شيخَ الفتنة "القرضاوي" حاضراً لهذه الجلسة في إحدى الليالي، قادماً لتوه من قطر، فلما أعطي الكلمة بدأ حديثاً جميلاً كعادته، ليغشّ الناس ويخادعهم في أول كلامه، ثم بدأ يؤسس كذبه فروى عن رسول الله: "إنّ الله يبعث طائفة أو جماعة لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة لتجديد دينها"، فما كان من الحسن الثاني إلا أن طلب كتاباً فقرأ فيه ثم أعاده، فلما انتهى الدجّال شيخ الفتنة من كلمته، أخذ الملك المذياع (المايكرفون) فقال: لقد حرّفت حديث رسول الله، فإنّه لم يُرو عنه أنّه قال "جماعة".
بل الحديث النبوي كما رواه المحدثون هكذا: «إنّ الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»، وذكر رُواة الحديث، ثم التفت، أعني الحسن الثاني، إليه وقال: أنا أعلم سبب تحريفك للحديث، إنّك تريد أن تذكر جماعتك الإخوان المسلمين لأنّك منهم وتخدمهم في حضرتي وهذا لا يصح، ثم نظر إليه نظرة قاسيةً كاد قلب "القرّاض شيخ الفتنة" يطير منها، ثم قام الملك وانصرف عنه.
والغريب في هذا الموضوع أنّه بعد تحريفه وإزعاجه للحاضرين وقلة أدبه مع الملك (بهلوساته)، لم يسافر حتى تسلم الهدية الملكية التي لا يمكنه أن يتركها حسب عادته، لأنّ المال عنده مقدّم على كل شيء في نهجه.
عاش القرضاوي طيلة حياته وهو يجمع المال حريصاً عليه لا يبالي كيف أخذه ولماذا ومن أين؟ بل كل ما يهمه أن يجمعه ويزيد من أرصدته (البنكية) التي بدأت تتضح لنا كل يوم أكثر فأكثر، وكنّا نظنه من العلماء فظهر أنّه من كبار التجّار، وشركاته في الحقيقة هي الجمعيات الخيرية والجبّة الأزهرية ولسانه الذي يسيل كذباً وزوراً ويلبّس على الناس حتى خُدعنا فيه جميعاً، وهو إنْ فكّرنا في شخصيته وراقبنا جميع تحركاته وحللنا نفسيته، فإنّه لا يعدو هذين الرجلين فهو:
- طالب دنيا ماكر يجمع الأموال ويستثمرها بذكاء باسم الدين، ويأخذ التبرعات من كل مكان ولا نعرف أين ولمن وصلت؟!
- طالب رئاسة يسعى لها بكل ما أُوتي من قوةٍ، وساعدته عليها جماعته وبعضٌ من المخدوعين فيه من أهالي قطر والدول الإسلامية الأخرى.
إذا فكّرنا في نشأته الفقيرة وموت أبيه وهو ابن عامين، في قرية فقيرةٍ تسمى "صفط تراب" تقع في المحافظة الغربية في "مصر"، وكانت ولادته أيّام الملكية فنشأ ناقماً عليهم وعلى كل حكومةٍ في الدنيا، وحقده نما معه وهو أحد أسباب دخوله لجماعة (الخُوّان المتأسلمين).
لأنّه نوع من رفض الواقع القاسي الذي أحاط به في صغره، فأُدخل السجن في سنة 1949 بسبب نشاطه مع جماعته المخرّبة، ثم أدخل ثانيةً بعد ذلك في أيام جمال عبد الناصر رحمه الله، فكانت السجون معيناً له ليخرج أكثر حقداً ونقمةً على الناس والحكّام.
فبدأ في رحلةٍ طويلةٍ من الإفساد لعقول الشباب، وخاصة بعد انتقاله إلى الخليج العربي وألقى عصا الترحال في الدوحة عام 1963م، فقام بتأسيس مكرٍ عظيمٍ لم يتوقف عنه لحظةً حتى اليوم وقد حصل على جوازٍ قطريٍّ لينطلق منه!!
لا نشك في كون "القرّاض" شيخ الفتنة يتمتع بذكاءٍ وفطنةٍ ولسانٍ إذا طمع كان شهداً وإذا مكر كان سيفاً باتراً، وهذا من مواهب الله له التي استخدمها بكل حنكةٍ ودهاء في الوصول إلى ما وصل إليه اليوم، وقد تعاون مع الأعداء ليحقق مراده، ولكنّ ذكاءه هذا هو الذي سيقضي عليه وسيجعله عبرةً لمن يعتبر، حقارةً وذلةً، وقد سلط الله عليه أقرب الناس ليكتبوا عنه ويظهروا حقيقته، وهو بعد اليوم لن يعدو قدره الذليل.
وللمقال بقية..