كيف استطاع سيد قطب الذي جعل منه «الخُوّان» رمزاً لشهداء الحرية بزعمهم، واتخذوه قائداً وفقيهاً وملهماً لهم على مرّ العقود التي تلت مقتله، وكيف سوّغت له نفسه أن يقول عن الخليفة ذي النورين عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ إنّ «طبيعته رخيّة»، والله إنّه لا يرضى هذا الوصف لأبيه أو لأحد من أصدقائه، فكيف يرضاه على خليفة رسول الله وعلى صحابيٍّ جليلٍ مبشَّرٍ بالجنّة، وليته وقف عند هذه الأوصاف والتجرؤ على من زوّجه رسول الله عقيلتيه، رضوان الله عليهما، وقال فيه «ألا أستحي من رجلٍ تستحي منه الملائكة»، فلم يستح ممن استحى منه حبيبنا المصطفى، بل زاد في الطعن والثلب، فأقرّ الثورة الحاقدة السبئيّة اليهودية التي أدت إلى استشهاد الخليفة «عثمان»، وقوله هذا لم يقل به أحد من أهل الحق والعلم، وإنّما هو قول جهّالٍ لا يميزون بين قبيلٍ ودبيرٍ، بل الأدهى والأعظم قوله «إن الثورة على عثمان (التي كان وراءها اليهودي عبدالله بن سبأ)، كانت من روح الإسلام»، والعياذ بالله، فأي ضلالةٍ وأي حمقٍ وأي جهلٍ أكبر من هذا، يقول سيد قطب «وأخيراً ثارت الثائرة على عثمان، واختلط فيها الحقُّ بالباطل، والخير بالشر، ولكن لا بدّ لمن ينظر إلى الأمور بعين الإسلام، ويستشعر الأمور بروح الإسلام، أن يقرّر أنّ تلك الثورة في عمومها كانت أقربَ إلى روح الإسلام واتجاهه من موقف عثمان، أو بالأدق من موقف مروان ومن ورائه بنو أميّة».
ولا أدري ما سبب ولع «الخُوّان» بالتنقّص من صحابة رسول الله، خاصة عثمان، رضي الله عنه، فإنّه لم يسلم من قادتهم ومفكريهم، حتى الإخواني الهندي أبو الأعلى المودودي قال عنه مثل ما قال سيد قطب، وكذلك هم يفترون الأكاذيب، ويكيلون التهم على عثمان ومعاوية وعمرو بن العاص، رضي الله عنهم، من دون خوفٍ ولا ترددٍ، وكأنّ الأمر فيه سعة، ورسول الله يقول «لاَ تسُبُّوا أَصحَابي، لاَ تسُبُّوا أَصْحَابِي، فوالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ أَحدَكُم أَنْفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَباً، ما أَدْركَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيْفَهُ»، وأغرب من هذا كله أنّهم يدّعون أنهم من أهل السنّة، وهم يحرّفون السنن، ويطعنون في أهلها، ثم يأتي أتباعهم ليدافعوا عن أقوال ساداتهم «الإخوان»، فمنهم من يقول «كتاب «العدالة الاجتماعية»، وكتاب «كتب وشخصيات» لسيد قطب من الكتب القديمة في جاهليته»، أو يقولون: «إنّ هذه الكتب كتبها في أول رجوعه إلى الدين والتزامه»، ويقولون غير ذلك من الحجج الواهية، ولكنّ الحقيقة التي لا لبس فيها أنّ كتب سيد قطب لا تزال تُطبع، ولم يتراجع عن أيِّ شيء كتبه، اللهم إلا بعض التعديلات التي لا توحي بأنه تاب منها، وقد قال رسول الله«من سبّ أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
أما القرضاوي (شيخ الفتنة) المشهور بالافتراء والكذب، فإنّه فاق سيد قطب كثيراً، وتعدّى إلى السماوات العُلى، وشبّه الخالق بالمخلوق، تعالى الله عما يقول علوّاً كبيراً، وهذه من طاماته ـ عامله الله بما يستحق ـ فقال، وهو كذوب، عندما تحدّث عن شفافية الانتخابات اليهودية ومدحهم «هذا مما نحمده في إسرائيل، نتمنى أن تكون بلادنا مثل هذه البلاد؛ من أجل مجموعة قليلة يسقط واحد، والشعب هو الذي يحكم، ليس هناك التسعات الأربع أو التسعات الخمس التي نعرفها في بلادنا؛ تسعة وتسعون وتسعون من الائة (99,99%)، لو أن اللهَ عرَضَ نفسَه على الناس ما أخذَ هذه النسبة، ما هذا الكذب والغش والخداع، نُحيي إسرائيل على ما فعلت»، قلتُ: ما هذه الجراءة والجهل يا شيخ الفتنة على رب العباد، وأين علمك إن كان لك علم؟
! وأين عقلك إن كان لك عقل؟! وأنت تهذي بهذه الطامات، ما جعل طلبة العلم يعرضون قولك على الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، فقال «هذا يجب عليه أن يتوب وإلا فهو مرتدٌّ، لأنّه جعل المخلوق أعلى من الخالق، فعليه أن يتوب إلى الله، فإن تاب فالله يقبل عنه ذلك، وإلا وجب على حكّام المسلمين أن يضربوا عنقه»، قلتُ: لم تأتنا حتى الآن أي كلمة من شيخ الفتنة بأنّه تاب وندم على مقولته، فهل يُنفّذ فيه فتوى ابن عثيمين؟ كما أباح شيخ الفتنة سفك الدماء من أجل حزبيته وعصابته، وتجرأ على الله، وكذب على الرسول، وفسّر الأحاديث على هواه ليقضي مآربه.