تنفرد دبي بعوامل كثيرة، ودوافع قوية، تضعها أمام مسارات مختلفة وغير تقليدية من التنمية، وربما يكون أكبر هذه العوامل ما أظهرته الإمارة من قدرات فائقة في وجه أصعب الظروف التي تمر على البشرية، لتكون بجدارة نقطة انطلاق العالم نحو انتعاشه واستعادة نموه وازدهاره، ولكن هذا الظرف كشف أيضاً عن إمكانيات هائلة يمكن للإمارة الاستثمار فيها لتحقيق نقلات تنموية مضاعفة، في الوقت الذي تفرض فيه تغيرات العالم الجديد المسارعة إلى ذلك.

دبي، برؤية قيادتها الاستباقية، كانت مدركة لذلك، وسرّعت بخطوات فاعلة الانتقال إلى هذه المسارات، وما يؤشر عليه إصدار محمد بن راشد لقانون إنشاء مجلس دبي برئاسة سموه، وتعيينه حمدان بن محمد ومكتوم بن محمد نائبين للرئيس، أن دبي ماضية بإنجاز التحولات المطلوبة بجدية كاملة، ووفق دراية وخطط مدروسة، خصوصاً أن أول أهداف المجلس صياغة الأجندة التنموية بتحديد التوجهات والرؤية المستقبلية وإطلاق المشاريع النوعية الكبرى والمبادرات التحوّلية وغير الاعتيادية لإحداث القفزات التنموية المنشودة.

لم تتوقف دبي على الإطلاق، وبعد أن كانت الأسرع في إعادة الحياة إلى طبيعتها، شهدنا فيها حالة النشاط الدائم لخلق الفرص للجميع، ما جعل منها قبلة العالم بامتياز، سواء من المستثمرين أو رواد الأعمال أو أصحاب المواهب أو الزوار، وهي اليوم تواصل بكفاءة إدارتها تعزيز تنافسيتها ومكانتها وقوة اقتصادها، عبر مبادرات غير مسبوقة ترسم ملامح نهضة استثنائية جديدة، وهذا ما يلفت إليه استمرار دبي في الإعلان عن الإدراجات الجديدة ضمن الشركات الحكومية وشبه الحكومية العشر، التي سيتم إدراجها في سوق دبي المالي العالمي لمضاعفة قيمة أسواق المال، إذ أعلن مكتوم بن محمد، أمس، عن إدراج «إمباور»، أكبر مزود لخدمات تبريد المناطق في العالم في السوق.

بهذه الخطوات العملية تضع دبي أجندتها وتوجهاتها على أرض الواقع، بسرعة تفوق التوقعات، وبشهادة عالمية من المرجعيات الموثوقة ومن الإعلام العالمي، التي تجمع على أن دبي خرجت من الأزمة أكثر ازدهاراً وانتعاشاً، بل إن دبي تتجاوز اليوم ذلك، من خلال رؤية واستراتيجيات ومبادرات مقننة عبر مجلس دبي، لإحداث قفزة تجعل منها المدينة الأفضل عالمياً للحياة والعمل والاستثمار والزيارة.

دبي، كما قال محمد بن راشد، لا تنظر إلى ما أنجزته، بل تنظر إلى ما يمكن أن تنجزه، وما يمكن أن تنجزه دبي كثير، وهي تنطلق بثقة لمواكبة وسبق التغيرات العالمية، إنجاز تحولات تضعها في المراكز الأولى في كافة قطاعات المستقبل الحيوية والريادية.