عندما يترك القادة مناصبهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن كنت مديراً وتركت منصبك، قد يذكرك بعض المقربين، دونما أن تتأثر مشاعرهم تجاهك، إلا مجاملة لك، ولكن إن كنت قائداً حقيقياً، وتركت منصبك، ستخلّف من بعدك أثراً طيباً لن يمحوه الزمن، وبين فينة وأخرى، سيذكرونك بالخير، ويستذكرون أيامك التي ولّت ولن تعود أبداً، لأن القائد لا يحل محله أحد، إلا إذا كان قائداً مثله، أو أفضل منه.

القائد الحقيقي، هو الذي يفهم موظفه على الفور، ولا يلومه على تقصيره، ولا يعاتبه، ولا يتباهى أمام المديرين الآخرين، بأنه اكتشف الأخطاء، وغض الطرف عنها، بل يقدّر الموظف حق تقدير، ولكن في المقابل، إذا كان هذا القائد محدود الموارد، وكل ما بيده فعله، هنا تكمن المشكلة.

في حياتنا نتعامل مع الكثير من الأشخاص من أفكار ومناصب مختلفة، وندرك من خلال تعاملنا، من هو القائد الحقيقي، أو المدير فحسب، إن كنت لا تعرف الفرق بينهما، فهو بسيط جداً، لأن المدير سيطلب منك أن تؤدي مهامك، دون أن يهتم بأي شيء آخر، ولكن القائد سيقودك حتى تتمكن من تأدية المهمة على أتم وجه.

في أحد الأيام، قال لي أحد الأشخاص، قد يكون مثلاً صينياً، مثلما ذكر، بإمكاني أن آخذك للبحر وأعلمك الصيد، ولكن لن أصيد من أجلك، هذا أحد الدروس المهمة التي تعلمتها من هذا الشخص، ومنذ ذلك اليوم، وأنا أحاول اتباعها وتطبيقها في حياتي.

القادة الحقيقيون، لا ينتظرون الفرص، بل هم الذين يقتنصونها ويصنعونها، مهما كانت صعبة، وهناك الكثير من التحديات، فلقد قال لي أحد الأشخاص، إن أتتك الفرصة تمسك بها ولا تفرط بها، لأن الحياة عبارة عن فرص مواتية، وبعض الأحيان تكون الفرص غامضة، ولكن القائد الحقيقي، الذي يقوم بتشكيلها لتناسب ظروفه.

هناك الكثير من القادة المختبئين داخل الكثيرين، لأن الفرص لم تحن بعد، ليظهر القائد الذي بداخلهم.

تم تعيين قائد في أحد المواقف، وعندما بدأ بالحديث، قالها بصريح العبارة، إنها المرة الأولى التي أقف فيها وأصبح قائداً على مجموعة من الناس، من هنا فكّرت بعمق «كم عدد القادة في العالم، لم يتم اكتشافهم بعد؟»، ماذا سيحصل لو تم اكتشاف أكبر عدد من القادة الذين سيحسنون تغيير الحياة للأفضل.

لذلك، دائماً عندما يكون هناك قائد في داخل شخص، فإنه عندما يوضع في موقف صعب، سيحسن على الفور التصرف بشكل بديهي، لأنه من الداخل قائد، بعض الأحيان، الظروف هي التي تصنع القادة، وفي أحيان أخرى، القادة يصنعون الظروف المناسبة لزراعة الصحراء، وتحويلها إلى جنة خضراء، مثلما حصل تماماً مع دولة الإمارات العربية المتحدة، قادتنا عمّروا الصحراء، وواجهوا أصعب الظروف، لتحويل دولة الإمارات للمراتب الأولى للمصاف العالمية، هكذا يكون القادة الحقيقيون.

كل الذي أود أن أذكره، أن قائداً مر من هنا، وترك أثراً طيباً.

Email