إعلام الأجندات الخبيثة

رئيس التحرير المسؤول

إعلام الأجندات الخبيثة

التاريخ:
ت + ت - الحجم الطبيعي

من المؤسف أن يصبح الإعلام مجرد وسيلة في يد بعض الأنظمة العربية، من أجل تنفيذ أجنداتها، وهي أجندات مثيرة للريبة جداً، حين تكون غايتها النهائية التسبب بأضرار كبيرة جداً في العالم العربي، على كل المستويات.

شهدنا ذلك طوال عقود، واشتدت أزمة الإعلام خلال سنين ما يسمى الربيع العربي، وما زالت هذه الأزمة ماثلة، أزمة غياب الأخلاقيات، وإشاعة الأكاذيب، وبث الكراهية، وتصنيع الأزمات في العالم العربي، وبهذا المعنى يتحول الإعلام من هذا النمط إلى عدو كبير، عدو للعالم العربي، وللإنسان فيه، الذي تسعى فيه كل هذه الوسائل إلى غسل عقله، وتوظيفه ضمن المشاريع التي تديرها هذه الدول بالتوافق مع أطراف معروفة، وإن كان بعضها يتخفى بعيداً عن العيون.

توظيف التقنيات الفنية، وتزوير الحقائق، واللجوء إلى وسائل الإبهار، وشهود الزور، والتحريض عبر اللعب على عواطف المشاهدين، أو المتابعين، من أجل غاية نهائية، هي مس استقرار بعض الدول، وإثارة الكراهية بين أبناء المنطقة، حالة لن تستمر طويلاً، لأن هذه الحالة باتت مكشوفة، حتى وإن تأثر الجمهور مرحلياً ببعض ما تبثه هذه الوسائل.

الذي يجري دراسات لتحليل المضمون، يكتشف بكل حياد أن هناك وسائل إعلام، تمارس دوراً أسوأ بكثير مما تفعله الجماعات الإرهابية، وأخطر مما تفعله بعض الدول والعواصم حين تريد استهداف دولة أخرى، وهذا الدور يتم تقديمه بطريقة مدروسة مسبقاً، وربما تنطلي على البعض، لكنها سرعان ما تتكشف، عبر إظهار الحياد، أو الوطنية، أو إثارة المشاعر، ثم دس السم والتزييف والكذب، تنفيذاً للأجندات الغامضة، وسط هذه الروايات.

حين كان الإعلام العربي المتزن والمنطقي، طوال العقود الفائتة، يحذر من الأجندات الغامضة أو المريبة التي يتبناها الإعلام العربي في بعض وسائله، كان البعض يظن أن في هذا مبالغة، لكننا شهدنا مراحل أثبتت هذه التحذيرات، خصوصاً، في أحداث ما يسمى بالربيع العربي، حين تم تسخير وسائل الإعلام الممولة من بعض الدول، لدور وسيناريو محدد، أي تحويل الشهرة التي حاولت صنعها على مدى سنين، من أجل هذه اللحظة، وعبر حض الشعوب على الفوضى، وتحطيم دولهم، وإثارة المكونات على بعضها البعض.

وقد رأينا جميعاً نتائج هذه المخططات التي تورط فيها الإعلام، في أدوار مريبة خدمة لمشاريع معروفة غايتها هدم المنطقة، وقد تواصلت هذه المشاريع اليوم، فنرى كل يوم هذا الإعلام الذي يتسم بغياب الأخلاقيات، ينتقل من مهمة إلى أخرى، بل ويحاول التمدد بإنتاج وسائل إعلام جديدة تابعة لذات المركز الذي يدير كل هذه الحملات ضد المنطقة ودولها.

غابت أخلاقيات الإعلام، في بعض الوسائل، وباتت هذه الوسائل مجرد أدوات تنفيذية، لأنظمة وأجهزة، تنفذ أجندات محددة، ويتم إنفاق كل هذه الأموال، من أجل مشاريع خبيثة تستهدف العالم العربي، لا من أجل حرية الصحافة، ولا من أجل المصداقية، ولا المهنية أيضاً.

مقاطعة هذه الوسائل أمر منطقي، لأنه لا يجوز أن تبقى مصنفة ضمن وسائل الإعلام، لمجرد أن لديها بنية إعلامية، وعلينا أن نتحدث عن حقيقة الدور، لا ظاهره، وهو دور لا يختلف أحد أنه يقترب من الجريمة بكل ما تعنيه الكلمة، بعد أن بات غياب الأخلاقيات لدى هؤلاء سمة من سماتهم الأساس، وربما منتجهم الوحيد في العالم العربي.

 

Email