بيئة المطارات.. لها عشاق ولها قلقون " 2 - 2"

في مقال الأسبوع الماضي، تحدثنا عن جمالية المطارات وسحرها، عشّاقها من المسافرين والمرتادين العاديين - من غير المسافرين - وعمّا توفره الموانئ الجويّة من بيئة اجتماعية دافئة وآسرة، كل شيء فيها محسوب، وفقاً للمعايير الإنسانية والدولية.

في ختامه طرحنا سؤالاً فحواه: لماذا يخاف الناس المطارات؟ أو ما سبب (قلق السفر) لدى بعض المسافرين؟

من باب الأمانة، يجدر القول بأنه عند كتابة المقال السابق، الصورة التي كانت في الذهن كانت لمطارات دول الخليج العربية، ولعل مطار دبي كان النموذج الرائد بينها جميعاً.

أما تجربتها الحداثية التي انطلقت من دبي لتعمَّ المنطقة فلها وقفة مختلفة.

نتحدث في مقالنا اليوم عن مجمل المطارات الدولية، بعيون المسافر، ليجيبنا عن سؤال: كيف يرى نفسه في تلكم المطارات، وما التأثير الذي تخلفه، نفسياً، الإجراءات التي يخضع لها؟

يرى المسافر نفسه أنه (الحلقة الأضعف) في المطارات الدولية جميعاً؛ فبرغم علمه بأن منظومة المطار وجدت لخدمته وتسيير رحلته، فهي تعتمد عليه ليكون محور الأشياء؛ بدءاً من التذكرة إلى مشتريات السوق الحرة، ومن الجلوس في المقهى - المطعم إلى دفعه لرسوم الوزن الزائد.

لا يحتاج التأكيد على أنه خاضع لقوانين وسيادة دولة، تحت أعين الأمن والجوازات والجمارك، وكلهم يمتلكون حق المنع والاحتجاز ورفض الدخول، أما هو فلا يملك إلا جوازاً وتذكرة ووقتاً ضيقاً، ضاغطاً.

يشعر بالعجز، ربما. يوتره التأخير إن حدث؛ فبمجرد إحالته لـ(تفتيش إضافي) مثلاً قد يفوّت عليه الرحلة.

كما تزيده مشاهد حوادث طيران شاهدها، إضافة إلى تجارب فردية سلبية مر بها سابقاً.

زائداً نقاط التماس التي تنتظره، وهي التفتيش، الجوازات، التأخير، واستلام الأمتعة.

هذا كله يولد لديه (قلق السفر) المنتشر كرهابٍ نفسيّ، يتغذى على فقدان السيطرة، والخوف من المجهول.

فكل هذه الوساوس والتوهمات، تجعله يشعر بأنه يعامل كـ(جسم محتمل الخطر) لا كضيفٍ مرحب به، ولو بابتسامة، وأن كرامته مؤجلة لصالح الإجراءات.