الكتاب الذي يتحدث عن تواريخ ثلاثة

قال إنها ليست مذكرات. فاعتقد الجمهور، وكنت بينهم، أنها ربما تكون شبه المذكرات. عنوان درج عليه الكثير من كتّاب السير الذاتية، والغيريّة. وصل التفكير بالبعض منّا إلى أنها مذكرات لكنها غير مكتملة، عمداً.

هنالك ما تم تأجيله، لحكمة ما، تم رفعه ليحجب ذكره، لظروف معينة أو تحيّناً لوقت أنسب يتم البوح به. وما ذلك الذي أجّل أو رفع سوى قطعة تركت فراغها في الكمال، فصار منقوصاً، لكن دون إخلال، ما جعل سردية شبه المذكرات، أو شبه التأريخ، لمسيرة الكاتب الإعلامية، وهي عريضة، ترسخ في أذهان البعض.

إن صفة «العريضة» واستخدامها أحذق من صفة الطويلة، كما العمر، استطالته خارج دائرة قدرة الإنسان، أما العرض في التجربة الحياتية، فيتسع لفضاءات متعددة الأبعاد والألوان، نطاقات ثقافية لا حصر لها، تشمل الأدب والتاريخ والاجتماع والفنون، ومهارات أخرى.

صفة التجربة العريضة، تنطبق على مسيرة علي عبيد الهاملي، أحد الإعلاميين الإماراتيين الرواد؛ فهو كاتب صحافي، ومحاضر، وأديب. وتبوأ عدة مناصب في ميدان الإعلام، بشقيه المكتوب والسمع - بصري، في أكثر من مؤسسة محلية. تجربته تلك لخصها في شكل مكثف، وضمّنها كتابه حديث الإطلاق، عنوانه «وما زال الشغف: حياة بين الإعلام والثقافة».

هذا التطابق الذي ألمحنا إليه، تجسّد عملياً في الكتاب المذكور. وأحسبه إضافة نوعية، في مجاله، للمكتبة الخليجية والعربية، سيعلم ذلك الشغوفون بقراءة الكتب المؤصِّلة، وأولاء صائدو العذوبة في جماليات الكتابة العالمة، على اختلاف مضامينها وأساليبها. هذا ما أمكن لجملته «إنها ليست مذكرات»، أن تضيفه من مديات جديدة لمساحة الاجتهاد.

الكتاب، محطات مضيئة مر بها المؤلف، خلال تجربته الإعلامية العريضة، التي «لها علاقة بالإعلام والثقافة في بلدي» كما يقول. إنه يؤرخ لمرحلة التأسيس، منذ وضع هياكل دولة الاتحاد، بضمنها الإعلام، في السبعينيات، وحتى اليوم. والكتاب يتحدث عن التاريخ الذاتي الشخصي للكاتب، وعن الموضوعي للآخر ممن جايلوه في الإعلام، ليشمل المحتوى تواريخ ثلاثة.