تأسرنا البدايات ببريقها، فننخدع أحياناً بحسن الظن، والتفاصيل البراقة التي قد لا تمت للواقع بأي صلة بل تخفي خلفها عيوباً واضحة، لولا أن القلب اختار تجاهلها طواعية. ففي لحظات التعارف الأولى، بلا شك يبدو البعض وكأنهم ملائكة معصومون من الخطأ.

وتبدو تصرفاتهم حتى المؤذية منها كأنها لُطف مغلف، أو حرصٌ زائد، حتى تلك العيوب التي تؤذيك وتجعلك تنزف من الحرقة والإهمال، تراها بلسماً للروح.

تبدأ هنا تُفسر الإهمال على أنه انشغال، والفتور على أنه إرهاق وتعب، وتمضي بآمال لا حقيقة لها. ولكن متى يصحو البعض من وهم البدايات؟

لا شك أن البعض قد يُغريك بحديثٍ عذب ويتراءى لك بديهياً أن حرصهم واهتمامهم نابعان من قلبٍ محب وصادق. ولكن، مع مرور الأيام والأشهر والسنوات، تنكشف الأوراق أكثر، وتأخذ شكلها الصحيح، وتتضح الأمور لتُظهر لنا عكس ما توقعناه تماماً.

فهل كان ذلك جهلاً منا، أم سذاجة، أم طيبة زائدة، أم أنها ببساطة قلة خبرة ومعرفة في التعامل الاجتماعي مع العلاقات؟

البعض يندفع وراء المشاعر دون أن يمنح نفسه وقتاً كافياً لتقييم العلاقات، فيرى من يُحب بعينٍ تغض الطرف عن العيوب، والإنسان بطبعه اجتماعي، وقد يضحي بوعيه من أجل الشعور بأنه «محبوب» أو «مقبول» خصوصاً في العلاقات الجديدة التي يكون فيها الحكم ضعيفاً والمعايير غير واضحة. بالإضافة إلى الخداع المقنّع حيث يُتقن البعض في إظهار صورة مبهرة في البداية لإخفاء نواياه وشخصيته الحقيقية.

تذكر دائماً، أنه لتتمكن من التعامل بذكاء اجتماعي، لا بدّ من رؤية الأفعال لا الاكتفاء بالكلام، والحرص على وضع حدود واضحة منذ البداية، فالعلاقات الصحية تُبنى على الاحترام المتبادل، لا التنازلات المبالغ فيها، وحاول أن تمنح نفسك وقتاً لاكتشاف حقيقة الأشخاص الجدد في حياتك، كن طيباً بلا سذاجة، وواثقاً بلا اندفاع، ومنفتحاً بلا غفلة.