حين يعانق البحر الإنسانية

في مدينة تعانق المستقبل، لا يُقاس الجمال بجمال البحر وحده، بل بمدى شمولية التجربة التي تمنحها لكل إنسان مهما كانت قدراته. وعلى ضفاف دبي، لم تعد الشواطئ مجرد وجهة للسباحة والترفيه، بل غدت مساحة إنسانية تعكس قيم التكافؤ والاندماج، حيث يجد أصحاب الهمم مكانهم الطبيعي بين الجميع.

لقد تحولت الشواطئ العامة في دبي إلى نموذج عالمي صديق لأصحاب الهمم، مجهّزة بممرات ممهدة، وكراسٍ عائمة، ومرافق متكاملة تتيح لهم دخول البحر بسهولة وأمان. إنها بيئة تقول للعالم إن الترفيه ليس ترفاً لفئة دون أخرى، بل حق أصيل لكل إنسان، ودبي مدينة لا تترك أحداً خلفها.

في الماضي، كانت رحلة البحر للأسر التي تصطحب أبناءها من أصحاب الهمم مليئة بالعقبات؛ فغياب الممرات الممهدة والمرافق الملائمة جعل من الوصول إلى المياه مهمة شاقة، ما دفع بعض العائلات إلى تجنّب هذه التجربة رغم شوق أبنائهم إليها. لكن اليوم تغيّرت الصورة جذرياً، إذ بات تطوير الشواطئ جزءاً من مخطط دبي الرئيس للشواطئ العامة الذي يهدف إلى توفير وصولية كاملة لأصحاب الهمم، ليكون الترفيه متاحاً للجميع دون استثناء.

وما يميز هذه التجربة أن شواطئ دبي تعد الأولى عالمياً التي حصلت على اعتماد «مناطق صديقة للتوحد» (Autism-Friendly Zones)، حيث جرى تدريب العاملين على الشواطئ للتعامل مع التوحد والحساسيات المختلفة، مع توفير وسائل وتقنيات فعّالة لدعم مرتادي الشواطئ من ذوي الاضطرابات الحسية. لقد أعادت هذه الخطوات لأصحاب الهمم حقهم الطبيعي في مشاركة الآخرين متعة البحر، لتصبح الشواطئ رمزاً للاندماج المجتمعي والعدالة الاجتماعية.

إن دبي، حينما تُحوِّل البحر إلى فضاء شامل يتسع للجميع، تكتب فصلاً جديداً في مسيرة المدن الإنسانية، وتمنح العالم درساً بليغاً في أن الحضارة الحقيقية تُقاس بقدرتها على احتواء الإنسان أولاً وأخيراً.