فوضى المرحلة بين عالمين

ت + ت - الحجم الطبيعي

لدى تصفح الشبكة، بأخبارها وتقاريرها، يلفتك مشترك عام بين المحللين والباحثين على حد سواء، هو أن العالم، أحواله لم تعد بالصورة التي كانت عليها، أو أقله، ليست بالتي يتمناها المتطلعون إلى مزيد من الطمأنينة والسلام النفسي.

يمر العالم اليوم بنسبة ملحوظة من الفوضى في بعض جوانبه، تمس البشر وشؤونهم على نحو مباشر. وهذه الفوضى ليس بالضرورة أن تكون سلبية، بل منها إيجابية. أحياناً.

في الثقافة الصينية، وهي عميقة وثريّة، تعتبر الفوضى امتحاناً عسيراً للرجال؛ فهي تأتي لصناعتهم، صقلهم، بعدما تضعهم في مواقف صعبة، تكشف عمّا إذا كانوا يمتلكون القدرة على حسن التصرف، وبراعة في إدارة حالة، هي بالمجمل، استثنائية. فلديهم، أنه لا يستفيد من الفوضى العارمة سوى الحكيم أو القائد الفذ.

هذه الفلسفة ربما هي التي اقتبست من مقولة: (اطلبوا العلم ولو في الصين). وينظر الصينيون إلى الفوضى على أنها حالة تولد بين حالتين. حالة قديمة تلملم أطرافها وتستعد للرحيل، لتصبح ماضياً. وحالة جديدة تستوي على ساقها، لتصبح حاضراً، ينزاح ذاتيّاً نحو المستقبل. ودائماً ما تأتي الفوضى بين عالمين، قديم يودع، وحديث تتراءى مطالعه. هي علامة على نهاية مرحلة، بكل ما فيها، وبداية أخرى قائمة على أنقاضها. فيها أمور جديدة بعضها لا سابق له.

وفي هذا البرزخ الفاصل بين العالمين، الإحباط ليس سبيلاً للرشاد، كما الإفراط في السعادة، ليس مفضلاً. التفاؤل وحده، هو ما يجعل الإنسان متوازناً قنديله الحكمة.

وفي مرحلة الفوضى، قد يلقى العالم ما كان يعتبره قد رمَّ. لن يبعث حياً؛ فتندلع الحروب، وتبرز الحركات العنيفة، وتنشب النزاعات، ويشلُّ الإنتاج ويتردّى الاقتصاد، ويرتفع القلق والتوتر لدى الإنسان. ليكون العقل أولى ضحايا المرحلة.

في عين الفوضى، دائماً ما تنتهي أمور، وتتلاشى أحلام، لتبدأ أمور أخرى وشؤون، وتتولّد أحلام واعدة، ويأتي أشخاص بهمم لا تشيخ. يضعون لبنات عالم جديد، وحياة لعلها أجمل.

Email