سوق العمل.. مهن غادرت وأخرى دخلت ( 2-1)

ت + ت - الحجم الطبيعي

مهما كانت الظروف المحيطة بالإنسان صعبة، فثمة آفاق واعدة حوله، لا يكلفه العثور عليها سوى إجالة النظر ليراها جلية، قريبة، وعلى مرمى إرادته، وأن عليه، اليوم وليس غداً، مغادرة منطقة الراحة، بل الانتفاض عليها.

الدكتور «م. ر» شخص متقاعد منذ سنوات، ويتجه نحو عقده السبعين بكامل توازنه. جلست إليه، بحكم أنه يسكن الضاحية ذاتها التي أسكن، آملاً أخذ فكرة منه عمّا يشغله باستمرار، ما يمنعه مشاركتنا جلسة المقهى. في مثل عمره يفترض أن تكثر أسفاره، القريبة، وأن يمضي وقتاً ممتعاً أطول مع العائلة والأحفاد. سألته: ما الذي يشغلك عنا؟ فروى ما يبعث على الشعور بالغيرة والإعجاب في آن معاً: «أعمل مدرباً من المنزل. أعقد دورات عبر الإنترنت - في تطوير الذات والتفكير المستقبلي». وكان هذا جزءاً من عمله في إحدى الجامعات المحلية.

غادرته متفكراً، وقد قفزت إلى ذهني عبارة كنت قرأتها في مقال لمتقاعد، ينصح فيه المتقاعدين. تقول العبارة: «أخي المتقاعد، تعرّف على كل جديد ينفعك، حاول مواكبة كل المتغيرات، حتى لا تصبح آلة يعلوها الصدأ والغبار». كم هي المسافة شاسعة التي ابتعد فيها الدكتور «م. ر» عن الصدأ والغبار؟

في السنوات العشر الأخيرة، ازدهرت مهن بعينها على حساب أخرى، انحسر الطلب عليها في سوق العمل العالمي، ما دفع بأصحابها إلى تركها، والبدء بعملية تأهيل لأنفسهم وتطوير مهاراتهم، لتلبي مهن بديلة أكثر جدوى. وكان لدخول التقنية الحديثة والذكاء الصناعي السوق، تأثير مباشر في كل ذلك.

من المهن الرائجة في سوق العمل العالمي، المهن الحرّة. تفيد البيانات في هذا المجال، بأن 66 % من مجموع القوى العاملة على مستوى العالم، يعملون في المهن الحرّة. في أمريكا، بلغت نسبة العاملين في هذه المهنة 33 % من مجموع القوى العاملة، وكافة ممارسي هذه المهنة الحرّة يعتمدون في تأديتها على أجهزة الحواسيب. ما هي تلك المهن؟

Email